انتصار قانوني للدولة التونسية على “مافيا النفط” و تسترجع سيادتها الكاملة على ثرواتها الطبيعية… من طرف شركة “كندية-إيطالية”

وفقًا لمعلومات نشرها مرصد الشفافية والحوكمة الرشيدة، أحبطت تونس محاولة للحصول على تعويضات بقيمة 400 مليون دينار، مؤكدةً سيادتها على ثرواتها الطبيعية في معركة تحكيم دولية.
تونس – كشف مرصد الشفافية والحوكمة الرشيدة، في منشور لمعز الحاج منصور، عن تفاصيل انتصار قانوني واستراتيجي حققته الدولة التونسية أمام هيئة تحكيم دولية في نزاعها ضد شركة “كنيديان نورث أفريكا أويل آند غاز المحدودة”، وهي واجهة لرجال أعمال إيطاليين مسجلة في الجزر العذراء البريطانية.
وبحسب المنشور، فإن هذا الحكم أسقط مطالب تعويض ضخمة بلغت 130 مليون دولار أمريكي (حوالي 400 مليون دينار تونسي)، وكرّس سيادة تونس الكاملة على مواردها النفطية.
خلفيات القضية: التفاف وتحايل
وفقًا للمعلومات التي أوردها المرصد، بدأت فصول القضية حين رفضت الدولة التونسية منح ترخيص للشركة المدّعية لشراء حقوق استغلال شركة صينية في حقل “سيدي الكيلاني” النفطي بالقيروان. وجاء قرار الرفض مبررًا بعدم تقديم الشركة الضمانات الفنية والمالية اللازمة لإدارة الحقل.
وفي محاولة لتجاوز القرار السيادي، لجأت الشركة “الكندية-الإيطالية” إلى حيلة قانونية بشراء كامل أسهم الشركة الصينية، لتفرض نفسها كمالك جديد لحقوق الاستغلال. إلا أن الدولة التونسية، ممثلة في جهاز المكلف العام بنزاعات الدولة، وقفت بالمرصاد لهذه العملية ورفضت الاعتراف بها، معتبرةً إياها تحايلًا على القانون.
معركة التحكيم: دفاع تونسي يفرض سيادة الدولة
على إثر ذلك، رفعت الشركة الأجنبية قضية تحكيم دولية، مستعينة بخمسة مكاتب محاماة دولية، وطالبت بتعويضات ضخمة زاعمةً أن تونس “قطعت عقد الاستغلال تعسفيًا” وحرمتها من استثمار الحقل حتى عام 2047.
تولت الدولة التونسية الدفاع عن مصالحها عبر مكتب المحاماة “بوصيان الكناني والشركاء” وبالتنسيق مع مصالح نزاعات الدولة. وبعد مداولات قانونية معقدة، أصدرت هيئة التحكيم قرارها الحاسم والذي جاء انتصارًا كاملًا لتونس.
قضت الهيئة برفض جميع طلبات الشركة المدعية، وأقرت بحق تونس السيادي في تنظيم استغلال ثرواتها الطبيعية، وهو حق يكفله الدستور والقوانين المنظمة لقطاع المحروقات. كما حمّلت الهيئة الشركة الخاسرة كافة مصاريف التحكيم (أكثر من 800 ألف دولار) وأتعاب فريق الدفاع التونسي.
انتصار بطعم التحذير
وأكد المعز الحاج منصور في منشوره أن هذا الانتصار، رغم أهميته، يجب ألا يحجب الرؤية عن تحديات أعمق. وأشار إلى أن “مرصد الشفافية والحوكمة الرشيدة” كان من بين الأصوات القليلة التي حذّرت مبكرًا من هذه القضية، ودعت السلطات السياسية إلى استنفار كافة أجهزة الدولة لمواجهة ما وصفه بـ “المافيا الإيطالية” في قطاع النفط.
واعتبر أن هذا الملف يكشف عن وجود شبكات سمسرة ومصالح تخترق هياكل حساسة في الدولة، كوزارة الصناعة والمؤسسة التونسية للأنشطة البترولية، مما يمثل تهديدًا مباشرًا للأمن القومي.
واختتم المرصد تحليله بالتأكيد على أن المعركة الحقيقية لم تنتهِ بعد، فالثروات النفطية والغازية ما زالت عرضة للنهب بسبب “فصول قانونية فاسدة” في مجلة المحروقات الحالية، داعيًا مجلس نواب الشعب إلى تحمل مسؤوليته التاريخية والتحرك فورًا لتنقيحها بما يضمن حماية ثروات الأجيال القادمة.