مسؤول سابق يكشف عن “بنك موازٍ” واستبدال العملة بأوراق مزورة داخل البنك المركزي

تونس – خاص:
في تصريحات نارية أثارت جدلاً واسعاً في الأوساط الاقتصادية والسياسية، فجّر إطار سامٍ سابق بالبنك المركزي التونسي قنبلة من العيار الثقيل، كاشفاً عن ملفات فساد و”جرائم دولة” ترقى لمرتبة الخيانة العظمى، تضمنت الحديث عن وجود نظام بنكي موازٍ، وعمليات تزوير للعملة من داخل الخزينة العامة، وتدفق أموال مشبوهة عبر المنافذ الرسمية.
“جريمة خيانة عظمى”: استبدال العملة الحقيقية بالمزورة
في سابقة خطيرة لم يشهدها تاريخ المؤسسة المالية، كشف المسؤول السابق عن حادثة وصفها بـ”الفضيحة المسكوت عنها”، تتمثل في استبدال العملة الحقيقية (العملة الصعبة) بأوراق نقدية مزورة “Faux Billets” داخل خزينة البنك المركزي التونسي.
الفيديو:
تفاصيل صادمة عن أغرب عملية سطو على خزينة البنك المركزي التونسي جراائم مالية ضخمة لماذا الصمت؟
وأوضح المتحدث أن هذه العملية لا يمكن أن تتم إلا بتواطؤ على أعلى مستوى، نظراً لأن فتح الخزينة يتطلب “ثلاثة مفاتيح” مجتمعة (مفتاح المدير العام، مدير الخزينة، ومراقبة الخزينة). وأشار إلى أن التحقيقات في تلك الفترة انتهت بإدانة موظفين صغار (أعوان صناديق) وسجنهم لمدة 11 عاماً كـ”أكباش فداء”، بينما بقي الرؤوس المدبرة وكبار المسؤولين الذين أصدروا الأوامر بعيداً عن المحاسبة، بل إن بعضهم حضر مجلس التأديب الذي أقر عزل المبلغ عن الفساد.
الكشف عن “نظام بنكي موازٍ” خارج السيطرة
تطرق اللقاء إلى ملف شائك آخر يتعلق بوجود “نظام بنكي موازٍ” يعمل خارج الأطر القانونية للدولة. وأكد المسؤول وجود شبكات غير رسمية تنشط في الجنوب التونسي ومناطق أخرى، تتيح للتجار تحويل الأموال إلى الصين وتركيا ودول أخرى دون المرور عبر البنك المركزي.
وتعمل هذه الشبكات بنظام “المقاصة غير القانونية”، حيث يتم دفع العملة الصعبة في الخارج (مثل أنقرة أو غوانزو) مقابل استلام القيمة بالدينار التونسي في الداخل، أو العكس، مما يحرم الدولة من مخزون العملة الصعبة ويضرب الاقتصاد الوطني في مقتل. كما أشار إلى وجود “بنوك منزلية” لشخصيات نافذة تقدم قروضاً بفوائد مشطة وشيكات ضمان خارج النظام المصرفي الرسمي.
أموال سياسية وحقائب عبر المطارات
وفي سياق الحديث عن التمويل السياسي وتبييض الأموال، ألمح المسؤول والجرأوئي المحاور له إلى تدفق مبالغ ضخمة بالعملة الصعبة عبر “الحقائب” من خلال المطارات التونسية (مثل مطار قرطاج) لصالح جمعيات وأحزاب سياسية وشخصيات نافذة، خاصة في الفترة التي تلت عام 2011.
وأكد المصدر أن هذه الأموال دخلت البلاد دون أن تمر عبر “لجنة التحاليل المالية”، مشيراً إلى أن منظومة الرقابة كانت معطلة عمداً أو “محمية” لخدمة أجندات سياسية معينة، مما يطرح تساؤلات حول جدية مكافحة الفساد خلال العشرية الماضية.
فساد إداري ومشاريع وهمية
لم تقتصر الاتهامات على الجرائم المالية المعقدة، بل شملت سوء التصرف الإداري وشبهات فساد في مشاريع البنك. وذكر المسؤول أمثلة ملموسة، منها:
-
تضخم تكلفة البناء: مشروع توسعة البنك المركزي الذي قُدرت تكلفته بـ 6 مليارات دينار، لتنتهي التكلفة الفعلية بـ 36 مليار دينار.
-
ملف الذهب: قضية الـ 1.5 طن من الذهب المرتبطة بليلى بن علي.
-
إقامات غير قانونية: منح صفة “مقيم” لأشخاص “غير مقيمين” لتسهيل تحويلاتهم المالية.
الانتقام من المبلغين: عزل وتعتيم
أكد المسؤول السابق أنه دفع ضريبة نزاهته غالياً، حيث تم عزله من منصبه وقطع راتبه منذ عام 2014 بعد تبليغه عن 12 ملف فساد موثق. ورغم حصوله على حكم قضائي نهائي وبات من المحكمة الإدارية ومحكمة التعقيب يقضي بإنصافه وبطلان إجراءات عزله، إلا أن إدارة البنك المركزي لا تزال تماطل في تنفيذ الحكم وإعادته لسالف عمله.
دعوة للنيابة العمومية لفتح الصندوق الأسود
اختتم المسؤول حديثه بتوجيه نداء عاجل إلى السلطات القضائية والنيابة العمومية ووزارة العدل لفتح هذه الملفات الخطيرة مجدداً. وشدد على أن إصلاح الاقتصاد التونسي والقطاع البنكي ممكن “بجرة قلم” إذا توفرت الإرادة السياسية ووضعت الكفاءات الوطنية النزيهة في مراكز القرار، بعيداً عن لوبيات الفساد التي سيطرت على مفاصل الدولة لسنوات.
