ملفات فساد خطيرة بوزارة الصحة: اتهامات بإهدار المليارات وتضارب مصالح صارخ

تونس – في اتهامات وصفت بالخطيرة، كشف المحلل السياسي محمد قمودي عن سلسلة من وقائع سوء التصرف المالي والإداري والفساد الممنهج داخل وزارة الصحة التونسية، داعياً الوزير الحالي إلى فتح تحقيق فوري وشفاف في الملفات التي طرحها.
وخلال مداخلته في برنامج “إسمع وشوف”، أكد قمودي امتلاكه لمعطيات ووثائق تدعم اتهاماته، محمّلاً نفسه كامل المسؤولية عن دقتها. وأبرز أن هذه الممارسات لا تقتصر على إهدار المال العام فحسب، بل تمس بشكل مباشر بجودة الخدمات الصحية المقدمة للمواطن التونسي.
تضارب مصالح في أعلى هرم الإدارة
في قلب هذه الاتهامات، أشار قمودي إلى وجود حالة تضارب مصالح صارخة تتعلق بمدير عام رفيع المستوى في الوزارة. ووفقاً له، فإن عائلة هذا المسؤول تمتلك شركة أدوية كبرى، بينما هو نفسه يشغل منصباً يخوّل له الإشراف على صفقات الأدوية ومنح التراخيص. وتساءل قمودي: “كيف يمكن وضع شخص في مثل هذا الموقف الواضح لتضارب المصالح؟ هو من يمنح التراخيص، وهو من يبرم الصفقات، وعائلته هي المالكة للمؤسسة”.
الفيديو:
على المباشر في بلاطو البوزيدي أسرار وتفاصيل صادمة عن صفقات فاسدة وتلاعب بالأدوية في وزارة الصحة
إهدار المال العام في صفقات مشبوهة
وقدم قمودي أمثلة ملموسة على ما وصفه بـ”العبث بالمال العام”، منها:
-
أدوية السيدا منتهية الصلاحية: خسارة الدولة مبلغ 300 ألف دينار تونسي بسبب شراء أدوية لمكافحة السيدا ثم تركها حتى انتهت صلاحيتها.
-
أدوية السل التالفة: وصول شحنة أدوية مضادة للسل من الهند بقيمة تقارب المليار دينار، ليكتشف لاحقاً في مخازن الوزارة أنها تالفة ومبللة بالماء. وللتغطية على الفضيحة، تم إبرام صفقة ثانية بقيمة 400 مليون دينار، والتي واجهت نفس المصير.
-
حقن الكوفيد: إهدار ما قيمته 1.5 مليار دينار من قرض للبنك الدولي مخصص لمكافحة جائحة كوفيد-19، تم إنفاقها على كميات هائلة من الحقن التي لم يتم استخدامها.
كما اتهم قمودي الوزارة بشراء أدوية لا يفصلها عن تاريخ انتهاء الصلاحية سوى ستة أشهر، مما يجعل توزيعها واستخدامها في الوقت المناسب أمراً مستحيلاً، وهو ما يتعارض مع أبسط معايير الحوكمة الرشيدة في قطاع الدواء.
التخلص من المعدات الفاسدة عبر توزيعها
لم تقف الاتهامات عند هذا الحد، بل زعم قمودي أن الوزارة، في محاولة للتخلص من المخزون الفاسد، قامت بتوزيع كواشف سريعة غير صالحة للكشف عن مرض السل، ووسائل واقية منتهية الصلاحية، على عدد من جمعيات المجتمع المدني. واعتبر هذا التصرف “جريمة” واستهتاراً بصحة المواطنين الذين تخدمهم هذه الجمعيات.
دعوة عاجلة للتحقيق
واختتم قمودي مداخلته بتوجيه نداء مباشر إلى وزير الصحة الحالي قائلاً: “إذا كان السيد الوزير لا يعلم، فها هو الآن يعلم. هو مطالب بمراجعة خياراته وفتح تحقيق شفاف وجدي في هذه الإخلالات”. وأكد أن الفساد في وزارة الصحة لا يقل خطورة عن نظيره في وزارات أخرى مثل وزارة البيئة، مشدداً على ضرورة المحاسبة ووضع حد لهذه التجاوزات التي تنخر جسد الدولة وتهدد صحة التونسيين.