من جديد تورط راشد الغنوشي و علي العريض و كبار قيادات النهضة واطارات أمنية عليا في ” مؤامرة دولية “

عادت قضية “التسفير” لتتصدر المشهد السياسي والقضائي في تونس، كاشفةً عن شبكات معقدة من المصالح المالية والسياسية والأمنية التي يُشتبه في تورطها في إرسال آلاف الشبان التونسيين إلى بؤر التوتر. ففي نقاش تلفزيوني حاد، طُرحت أسماء بارزة على طاولة الاتهام، من بينهم قيادات سابقة في حركة النهضة ورجال أعمال وإطارات أمنية، وسط تساؤلات حول مصير “الإمبراطوريات المالية” التي بنيت خلال تلك الفترة ومسؤولية الدولة العميقة في تسهيل هذه الجرائم.
اتهامات مباشرة و “إمبراطورية مالية” غامضة
بدأ النقاش بتسليط الضوء على المتهم الرئيسي في القضية، رجل الأعمال هشام السعدي، الذي وُصف بأنه أحد الموالين لحركة النهضة وذراعها المالي الضخم في عمليات التسفير. وأثير تساؤل مباشر وجه إلى وزارة الداخلية حول مصير “إمبراطوريته المالية” التي لا تزال، حسب ما ورد، تحت سيطرة عائلته، مع التشكيك في مصدر هذه الأموال وما إذا كانت مرتبطة بتمويل الإرهاب.
الفيديو:
الغنوشي-وكبار-قيادات-النهضة-واطارات-أمنية-عليا-في-قفص-الاتهام-في-أخـ-ـطر-القضايا.حكمها-الاعـ-ـدام؟
ولم تقتصر قائمة المتهمين على السعدي، بل شملت شخصيات سياسية وأمنية رفيعة، على رأسها وزير الداخلية الأسبق ورئيس الحكومة السابق علي العريض، إلى جانب سيف الدين الرايس، الناطق الرسمي باسم تنظيم “أنصار الشريعة” المحظور، ورجال أعمال آخرين وإطارات أمنية عليا، مما يرسم صورة لشبكة واسعة ومتشعبة الأذرع.
المناخ السياسي والديني: من سهّل ومن غض الطرف؟
امتد النقاش ليشمل المناخ العام الذي ساد في تونس خلال فترة ما بعد 2011، حيث تم التذكير بتصريحات لرجال دين كانوا معروفين بخطابهم المتشدد، والذين غابت أسماؤهم عن المحاكمات الحالية. واستحضرت تصريحات صادمة لأحدهم برر فيها “جهاد النكاح”، وآخر وصف المقاتلين العائدين بأنهم “يذكرونه بشبابه”.
كما وجهت اتهامات صريحة للرئيس الأسبق المنصف المرزوقي باستقبال “زعماء الخطاب التكفيري” في قصر قرطاج، مما اعتبره المتحدثون تسهيلاً سياسياً لانتشار الفكر المتطرف الذي شكل الأرضية الخصبة لعمليات التسفير.
أبعاد دولية وتواطؤ أجهزة استخبارات
أخذت القضية بعداً دولياً عندما أشار أحد المتدخلين إلى أن ملف التسفير ليس قضية تونسية بحتة، بل هو “ملف سياسي، تاريخي، أخلاقي، مالي ودولي”. وأكد أن عمليات التسفير لم تكن مقتصرة على تونس، بل شملت المغرب والجزائر وحتى دولاً أوروبية كفرنسا وألمانيا، في إطار مخطط “الفوضى الخلاقة” الذي أعلنت عنه الإدارة الأمريكية سابقاً لتغيير جغرافيا الشرق الأوسط.
وأثيرت تساؤلات جريئة حول قدرة القضاء التونسي على مساءلة أجهزة استخبارات أجنبية (أمريكية، فرنسية، إسرائيلية، وتركية) يُشتبه في تورطها في تسهيل وتمويل هذه العمليات، معتبراً أن المقاتلين كانوا “وقوداً لمحرقة” تم التخطيط لها دولياً.
فساد مالي وحرب إلكترونية قذرة
لم يغب البعد المالي عن النقاش، حيث تم ربط ملف التسفير بجرائم نهب المال العام وتبييض الأموال. وأثيرت فضيحة مالية جديدة تتعلق بشركة “يسر للتنمية” العاملة في البورصة، والتي يُشتبه في قيامها بعمليات احتيال ونهب لمئات المليارات، وسط غياب تام لأجهزة الرقابة من البنك المركزي وهيئة السوق المالية ومحكمة المحاسبات.
وفي سياق متصل، تم التحذير من “حرب إلكترونية قذرة” تُشن عبر صفحات ممولة في الداخل والخارج، تهدف إلى “تمييع” الجرائم الإرهابية، وتشويه كل من يكشف هذه الملفات، والتشكيك في مسار المحاسبة الذي يقوده الرئيس قيس سعيد.
واختتم النقاش بالتأكيد على أن هذه الحرب الإعلامية تستهدف استقرار الدولة ومؤسساتها، وأن المواجهة لا يمكن أن تكتمل دون تطهير الإدارة من “أذرعها العميقة” المتحالفة مع “المافيا المالية”، وتطبيق القانون بحزم على كل من تورط في إضعاف الدولة ونهب ثرواتها.