الاطاحة بمسؤوليين و رؤوس كبرى مورطة في الفساد و رئيس الجمهورية قيس سعيد يتدخل لمحاسبتهم!!

سوسة، تونس – في حوار صريح وجريء، كسر الممثل التونسي المعروف محمد دغمان حاجز الصمت، متحدثًا “بلا قناع” عن الواقع المرير الذي يعيشه القطاع الثقافي في تونس، والذي وصفه بأنه “مختنق بملفات الفساد والإهمال الممنهج”، خاصة في الجهات المهمشة بعيدًا عن العاصمة.
في مقابلة خاصة، كشف دغمان، الذي اشتهر بأدواره المميزة ومواقفه المثيرة للجدل، عن تفاصيل ما أسماه بـ”الملف الأحمر” الذي كان وراء زيارة رئيس الجمهورية قيس سعيد لمدينة سوسة، والتي سلطت الضوء على حجم الخراب في المشاريع الثقافية المعطلة.
الفيديو:
بطل مسلسل الليالي البيض..هكذا تمت الاطاحة برؤوس كبرى مورطة في خور فضيع وقيس سعيد تدخل لمحاسبتهم!!
مسارح “تُرمم” لسنوات ولا تفتح أبوابها
استهل دغمان حديثه بملفين شائكين يمثلان، بحسبه، نموذجًا مصغرًا للفساد المستشري. أولهما ملف مسرح الهواء الطلق، الذي قال إن الرئيس عاين “خرابه” بنفسه بعد أن أثار دغمان قضيته مرارًا. أما الملف الثاني، فهو مركز الفنون الدرامية والركحية الذي استمر بناؤه وترميمه لمدة 15 عامًا دون أن يفتح أبوابه للعموم ولو ليوم واحد.
ووجه دغمان اتهامًا مباشرًا لما أسماه بـ”تضارب المصالح”، حيث قال: “الجهة المسؤولة عن بناء المسرح هي نفسها التي تحقق في أسباب تعطله، إنه أشبه بمن يقلي الزيت في زيته”. وأوضح أن التحقيقات الأولية حاولت تحميل المسؤولية لمهندسي البلدية، بينما الحقيقة، كما يراها، هي أن “البلدية لم يكن لها أي علاقة بالبناء الأصلي الذي تم تحت إشراف وزارة الثقافة ومسؤولين سابقين”. وأضاف بسخرية لاذعة: “هناك من يرتدي قبعة الثقافة ثم يغيرها بقبعة البلدية ليحيل الملف لنفسه ويغلقه”.
“اقتصاد برازيلي”: واجهة جميلة تخفي تهميش الفنانين
لم يقتصر نقد دغمان على البنية التحتية، بل امتد ليشمل السياسات الثقافية التي وصفها بأنها تعمق مركزية القرار في العاصمة وتهمش فناني الجهات. وشبه الوضع بـ”الاقتصاد البرازيلي: واجهة جميلة وكرنفالات تخفي خلفها أحياء قصديرية وفقرًا”.
وأوضح أن نظام “المناولة” الذي تتبعه القنوات التلفزيونية، حيث تتعاقد مع شركات إنتاج في العاصمة، يجعل من الصعب على الممثلين في الجهات الحصول على فرص. فالمنتجون، بحسب دغمان، يفضلون توظيف ممثلين من تونس لتجنب تكاليف النقل والإقامة، مما يضع فناني الجهات في عزلة شبه تامة. وقال: “الذي ينجح منا لا يرتفع أجره، بل تتم معاقبته وتهميشه”.
دوامة مالية خانقة ومعاناة ضريبية
تطرق دغمان إلى الإشكال المالي والجبائي الذي يواجه شركات الإنتاج الثقافي، مطالبًا وزارة الثقافة ووزارة المالية بفتح هذا الملف بشكل عاجل. وشرح قائلاً: “نحن لا نبيع منتجًا شهريًا، عملنا المسرحي يتطلب أشهرًا من التحضير، ثم أشهرًا للعرض، وننتظر بعدها أشهرًا طويلة للحصول على مستحقاتنا. ورغم ذلك، تُطبق علينا قوانين ضريبية مجحفة تعاملنا كشركات صناعية وتجارية، مما يثقل كاهلنا ويجعلنا نعمل بخسارة في كثير من الأحيان”.
عودة إلى الخشبة بـ”ما تفكرنيش”
رغم كل هذه التحديات، أعلن محمد دغمان عن عودته إلى المسرح بعمل جديد بعنوان “ما تفكرنيش”. ووصف المسرحية بأنها “كوميديا سوداء” تتناول اليوميات والمشاغل الحقيقية للمواطن التونسي، من التعليم والصحة إلى “الحرقة” (الهجرة غير الشرعية). وقال مبتسمًا: “بعد هروب طويل من الخشبة، حكموا عليّ بالعودة”.
ويأتي هذا العمل كصرخة فنية تعكس واقعًا اجتماعيًا وسياسيًا معقدًا، من خلال قصة شخصين يلتقيان صدفة في حديقة عامة، ورغم اختلافهما، يكتشفان أنهما يتشاركان نفس الهموم والمعاناة.
في ختام حديثه، جدد دغمان دعوته لكل مواطن بأن يكون “ذا قلب حي”، وألا يخشى كشف الفساد في قطاعه، مؤكدًا أن المجهودات الفردية والجماعية هي التي تمكنت أخيرًا من فتح بعض الملفات العالقة، مع أمل في أن تستعيد الثقافة في سوسة والجهات الأخرى عافيتها ورونقها.