أخبار تونساخبار

سري وخطيير للغاية .. اغراء الوزراء بالامتيازات وتطويقهم بمستشارين ومديرين فاسدين لتحويل موارد الدولة إلى “غنائم” ومحاصرة رئيس الدولة قيس سعيد واسقاطه؟

تونس – في نقاش تلفزيوني حاد ضمن برنامج “بلا قناع”، رسم الصحفي محمد البوزيدي والمحلل السياسي معز بالحاج منصور صورة قاتمة لآليات عمل الدولة التونسية، كاشفين عما وصفاه بـ”فخاخ بيروقراطية” ممنهجة يتم من خلالها تحييد الوزراء الجدد والسيطرة عليهم من قبل “إدارة عميقة” ولوبيات فاسدة، هدفها الحفاظ على مصالحها وتحويل موارد الدولة إلى “غنائم” تُقتسم بعيدًا عن أعين الشعب.

الحوار، الذي اتسم بنبرة غاضبة وتحدٍ مباشر، سلط الضوء على ظاهرة “ترويض” الوزراء الذين يصلون إلى مناصبهم بنوايا إصلاحية، ليجدوا أنفسهم محاطين بمنظومة متجذرة تعمل على عزلهم عن الواقع وإغراقهم في امتيازات شكلية، مما يحولهم من قادة تغيير إلى مجرد واجهة لمنظومة فاسدة.

طقوس الترويض.. من الفطور الفاخر إلى العزلة التامة

وفقًا للمحلل معز بالحاج منصور، تبدأ عملية السيطرة على الوزير الجديد منذ لحظة وصوله، واصفًا العملية بأنها أشبه بطقوس تهدف إلى إبهار الوزير وعزله. “أول ما يدخل، يجيه الطبيب يتفقد له عينيه… ثم يتصلون بالمطبخ ليسألوه: سيد الوزير شنو تحب الفطور؟ سمك، لحم ضأن، أم لحم بقر؟”، يقول بالحاج منصور، مضيفًا أن الوزير يجد نفسه محاطًا بمظاهر البهرجة والحراسة المشددة.

الفيديو :

 

 

 

هذه الامتيازات، بحسب النقاش، ليست سوى قناع يخفي الهدف الحقيقي: “حين يغرق في البهرج، يتم عزله عن الناس”. بعد ذلك، يتولى “المديرون العامون الذين ضربت عروقهم في تلك الوزارات وتوارثوها شخصًا عن شخص” مهمة “توجيه الوزير”، ليجد نفسه في نهاية المطاف “نُصِّب من أجل المحافظة على الأمر الواقع كما هو، ويُمنع من إجراء أية إصلاحات”.

من جهتها، علقت ضيفة البرنامج على المصطلح المستخدم، مؤكدة أن التعبير الشعبي “يتلهوثوا عليه” (أي يتملقونه بشكل مبالغ فيه) هو التعبير الأدق لوصف هذه الظاهرة، معتبرة إياه “أقوى من كلمة يلوثون به” بالفصحى.

دولة كـ”غنيمة” والشعب له “الفتات”

من جانبه، كان الصحفي محمد البوزيدي، مقدم البرنامج، أكثر حدة في طرحه، معتبراً أن “الدولة أصبحت غنيمة تُقسَم بينهم، والشعب يستكثرون عليه حتى الفتات”. وقد استشهد البوزيدي بتصريحات للرئيس السابق منصف المرزوقي حول خلافه مع حركة النهضة، الذي تمحور حول التعيينات القائمة على “الولاءات” وليس “الكفاءة والاختصاص”، واصفًا إياها بأنها “غنيمة تُقسَم”.

ووجه البوزيدي اتهامًا مباشرًا بأن “جزءًا من الإدارة التونسية لا يخدم الشعب، وإنما يخدم اللوبيات”. وأعلن بلهجة تحدٍ أنه يمتلك توثيقات وتسجيلات، وأنه ينتظر “لحظة الصفر” لنشرها، مؤكدًا أن ما لديه سيمنع “كبار المسؤولين من الخروج من ديارهم”.

فجوة بين خطاب الرئيس واختيار المسؤولين

لم يسلم رئيس الجمهورية قيس سعيد من النقد، حيث أشار معز بالحاج منصور إلى وجود فجوة كبيرة بين “خطابه الثوري والحماسي” وبين اختياراته للمسؤولين. “رئيس الجمهورية في واد، واختياراته في واد آخر”، قال بالحاج منصور، موضحًا أن الرئيس “لم يحسن اختيار الكفاءات”، حيث يعين وزراء “لا يتبنون الأفكار الوطنية التي يدعو إليها” أو يفتقرون إلى “القدرة على المثابرة”.

كما وجه انتقادًا حادًا لـالمدرسة القومية للإدارة، معتبرًا أنها أصبحت “من أكبر المعوقات لتحريك الإدارة” بتخريجها “طائفة” بيروقراطية تعمل على تعطيل المشاريع.

في ختام النقاش، طرح البوزيدي سؤالًا جوهريًا: هل تونس بحاجة إلى مزيد من التصريحات والخطابات، أم إلى “ثورة حقيقية داخل الإدارة”؟ سؤال بقي معلقًا، ليعكس عمق الأزمة التي تواجهها الدولة في معركتها ضد الفساد الذي يبدو أنه يتخفى خلف الأبواب المغلقة للوزارات والدواوين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى