أخبار تونساخبار

بعد 9 ساعات من الاستنطاق.. المتآمرون يهددون بعضهم البعض بكشف المستور في قضية أمن الدولة…

بلا قناع – تغطية خاصة من أمام قصر العدالة

في ليلة طويلة ومثقلة بالترقب أمام قصر العدالة بالعاصمة، أسدل الستار على الجلسة الثالثة والرئيسية في قضية “التآمر على أمن الدولة”، وهي القضية التي يتابعها الشعب التونسي بفارغ الصبر لما تحمله من أسماء وازنة وتهم خطيرة هزت أركان المشهد السياسي في البلاد. بعد أكثر من تسع ساعات من الاستنطاقات والمرافعات الماراثونية، بدأت خيوط الأسرار تتكشف، وظهرت بوادر تصدعات وتهديدات متبادلة بين المتهمين أنفسهم، مما ينذر بأن ما خفي كان أعظم.

 

شاهد التغطية الكاملة من أمام المحكمة الابتدائية بتونس:

 

 

جلسة تاريخية وأسماء من الوزن الثقيل

لم تكن جلسة الأمس كغيرها. فبعد طول انتظار، انطلقت عمليات استنطاق المتهمين الحاضرين، في قضية تضم شخصيات من العيار الثقيل، على رأسهم رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، ورئيس الحكومة الأسبق يوسف الشاهد، والمستشارة الرئاسية السابقة نادية عكاشة، بالإضافة إلى قيادات أمنية وعسكرية متقاعدة مثل عبد الكريم العبيدي ومحرز الزواري، وقيادات نهضوية بارزة كحبيب اللوز وريان الحمزاوي.

التهم الموجهة إليهم ليست بالهينة، إذ تشمل “التآمر على أمن الدولة وتكوين وفاق إرهابي”، وهي تهم يضعها القضاء التونسي اليوم تحت مجهر التحقيق الدقيق. ورغم أن شخصيات رئيسية مثل يوسف الشاهد ونادية عكاشة ومعاذ الغنوشي (ابن راشد الغنوشي) ما زالوا في حالة فرار خارج أرض الوطن، إلا أن حضور الموقوفين، ولو عن بعد، كشف عن حقائق كانت طي الكتمان.

حبيب اللوز يهدد: “والله لما أفضحهم الكل!”

كانت اللحظة الأكثر دراماتيكية خلال الجلسة هي استنطاق القيادي النهضوي حبيب اللوز. حضر اللوز الجلسة على كرسي متحرك، مدعياً في البداية أنه لا يسمع جيداً ولا يستطيع الوقوف. لكن المشهد انقلب حين أعاد القاضي سؤاله بوضوح: “هل أنت قادر على الوقوف؟”، فأجاب بنعم، مما أثار همساً وشكوكاً في القاعة حول حقيقة وضعه الصحي.

لكن المفاجأة الكبرى كانت عندما خرج اللوز عن صمته مهدداً: “والله لما أفضحهم الكل!”. وأضاف أن “الشهيدين بلعيد والبراهيمي ينتظران منه قول الحقيقة”، في إشارة مباشرة إلى امتلاكه معلومات حساسة حول الاغتيالات السياسية التي بقيت لغزاً يؤرق التونسيين، ملمحاً إلى تورط أطراف في قضايا أخطر بكثير من مجرد التآمر.

400 مكالمة هاتفية ومحاولات تبرير مثيرة للسخرية

لم تقتصر الإثارة على حبيب اللوز. فالقيادي الأمني المتقاعد عبد الكريم العبيدي، الذي كان مستشاراً لرئيس الحكومة الأسبق حمادي الجبالي، واجهه القاضي بوجود 400 مكالمة هاتفية بينه وبين معاذ الغنوشي. وعندما سُئل عن سر هذه العلاقة الوثيقة، كانت إجابته مثيرة للضحك في القاعة، حيث برر الأمر بأنه كان يساعد معاذ الغنوشي في قضية سحب سيارته بواسطة “الشنقال”!

كما كشف العبيدي أنه يملك بدوره معلومات حول الاغتيالات السياسية، متوعداً بكشفها، مما يفتح الباب على مصراعيه لربط قضية التآمر بقضايا الإرهاب والجهاز السري لحركة النهضة.

انقسامات بين المتهمين وغياب لافت لأنصار النهضة

الجلسة كشفت أيضاً عن انقسامات واضحة بين المتهمين. ففي حين طالب ريان الحمزاوي، رئيس بلدية الزهراء المنحل، بتعجيل المحاكمة وإصدار الحكم، مؤكداً براءة ساحته، بدا أن بقية المتهمين، وعلى رأسهم حبيب اللوز، يسعون لتأجيل الجلسة ورفضوا استكمال الاستنطاق عن بعد بحجة الوضع الصحي.

الأمر اللافت للنظر كان الغياب شبه التام لأنصار حركة النهضة وجبهة الخلاص، والفيلق الكبير من المحامين الذين كانوا يحضرون في الجلسات السابقة. غياب قد يفسره البعض بأن أوراق القضية أصبحت تحمل أدلة دامغة، وأن الأحكام الثقيلة باتت تنتظر المتهمين، فلم يعد للحضور الإعلامي والضغط الخارجي أي جدوى.

لقد حُرم الشعب التونسي من متابعة هذه الجلسة التاريخية على الهواء مباشرة، لكن ما تسرب من كواليسها يؤكد أن القضاء ماضٍ في كشف شبكة معقدة من العلاقات والمؤامرات التي حيكت في الغرف المظلمة، وأن الأيام القادمة قد تحمل حقائق أشد إيلاماً ووقعاً على الرأي العام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى