وثائق سرية وتجسس وتهديدات… العبيدي يخرج من صمته و يكشف عن معلومات خطيرة تورّط الغنوشي و و بقية المتهمين بقضية التآمر (2)

تقرير يسلط الضوء على اعترافات خطيرة لإطارات أمنية حول علاقاتهم بحركة النهضة ووثيقة استخباراتية موجهة لدولة أجنبية.
كشفت الجلسة الثالثة من محاكمة المتهمين في قضية “التآمر على أمن الدولة” عن سلسلة من الحقائق والاعترافات الخطيرة التي قد تعيد رسم ملامح فترة سياسية معقدة من تاريخ تونس الحديث. وفي تغطية خاصة، سلط برنامج “بلا قناع” الضوء على تفاصيل دقيقة وجزئيات لم تحظ بالاهتمام الإعلامي الكافي، واصفًا إياها بأنها “في غاية من الخطورة”.
افتتح الصحفي محمد البوزيدي التقرير بالإشارة إلى أهمية الجلسة، قائلًا: “اليوم الحلقة الثالثة أو الجلسة الثالثة لقضية التآمر على أمن الدولة، وفي كواليسها هنالك نقاط في غاية من الأهمية، باش نحاولوا نلخصوها ونبرزوها للمتابعين وللتوانسة وللناس اللي تحب تفهم قضية التآمر على أمن الدولة”.
الجهاز السري والمكالمات المشبوهة
كان الإطار الأمني السامي السابق بوزارة الداخلية، عبد الكريم العبيدي، محورًا رئيسيًا في استنطاقات الجلسة. حيث واجهه القاضي بوجود “أكثر من 400 مكالمة في وقت وجيز بينه وبين معاذ الغنوشي”، نجل رئيس حركة النهضة، بالإضافة إلى مكالمات أخرى مع قيادات بارزة في الحركة مثل راشد الغنوشي وعلي العريض.
وأوضحت الصحفية حذامي أن الأمر تجاوز مجرد المكالمات، حيث أكد رئيس الجلسة صراحة وجود جهاز أمن موازٍ. وقالت: “قالها صراحة رئيس الجلسة بأنه الجهاز السري لحزب حركة النهضة كان واضع يديه على وزارة الداخلية التونسية، وقالها أيضًا بالحرف الواحد هناك جهاز أمن موازي في تلك الفترة لوزارة الداخلية”.
وعلى الرغم من نفي العبيدي لأي صلة له بحركة النهضة، فإن رئيس المحكمة دحض ادعاءه بتقديم سجلات المكالمات الهاتفية التي جمعته بقيادات الحركة، مشيرًا إلى أن هذه الاتصالات تكثفت بشكل لافت قبل عمليات الاغتيالات السياسية.
وثيقة التجسس ونادية عكاشة
من بين المفاجآت الصادمة التي فجرتها الجلسة، كشف القاضي عن وجود وثيقة استخباراتية سرية، وُجدت بحوزة إطار أمني متقاعد آخر هو محرز الزواري، المدير العام الأسبق للمصالح المختصة. وبحسب التقرير، فإن هذه الوثيقة “صادرة عن نادية عكاشة، تحديدا عن رئاسة الجمهورية، وموجهة لاستخبارات دولة أجنبية عربية”. وتتناول الوثيقة معلومات حساسة حول الإجراءات الاستثنائية ليوم 25 جويلية، مما يضعها في “باب التجسس ونقل معلومات ووضع النفس على ذمة جيش أجنبي”.
وعند مواجهته بالوثيقة، ادعى الزواري أنه عثر عليها على الإنترنت، وهو ما لم يقتنع به القاضي، خاصة وأن الوثيقة مصنفة “سرية وسرية جدًا”.
الفيديو :
اعترافات وتهديدات بكشف “ما يدوّخ”
أثناء استنطاقه، أقر عبد الكريم العبيدي بتقديم “خدمات صغيرة” لقيادات النهضة، لكنه لم يتوقف عند هذا الحد. ففي لحظة دراماتيكية، قال العبيدي للقاضي: “لو كان نحكي لك على شنو صار تو تدوخ”. ورغم أن رئيس الجلسة رد عليه ببرود: “شنو باش ندوخ أنا توا في قاعة الجلسة؟”، فإن العبارة كشفت عن حجم الأسرار التي يدعي امتلاكها.
وذهب العبيدي إلى أبعد من ذلك، مهددًا بكشف كل شيء بالقول: “عليّ وعلى أعدائي”، ومؤكدًا أنه يملك معطيات وتفاصيل حول الاغتيالات السياسية التي طالت الشهيدين شكري بالعيد ومحمد البراهمي. وعلقت الصحفية حذاميعلى ذلك قائلة: “قال إن الشهيدين شكري بالعيد والبراهمي ينتظران منه، والشعب التونسي ينتظر منه تحديدًا، أن يعطيهم بعض التوضيحات ويمد الرأي العام بكل المعلومات التي تخص القضية”.
ويُعتقد أن هذه التهديدات تأتي من شعور العبيدي بأن حركة النهضة “لم تحمه”، خاصة بعد الحكم عليه في قضية التسفير.
الصندوق الأسود بانتظار الحكم
أبرزت الجلسة أن إطارات أمنية مثل عبد الكريم العبيدي ومحرز الزواري يمثلون “الصندوق الأسود لأسوأ فترة مرت بها تونس بعد 2011″، ويمتلكون أسرارًا تتعلق بالاغتيالات والتنكيل الذي حدث في تلك الحقبة.