أخبار تونساخبار

الكشف عن معلومات هامة بخصوص حرائق مدبرة بمستودعات ميناء رادس و مصانع “الفريب” و أرشيف البنوك

في حلقة نقاشية ساخنة، دق محللون وصحفيون تونسيون ناقوس الخطر حول ظاهرة مقلقة وممنهجة، تتمثل في سلسلة من الحرائق الغامضة التي تلتهم مؤسسات حيوية وأرشيفات حساسة في أوقات حرجة. الاتهامات، التي وُصفت بأنها “ليست نكتة بل واقع مرير”، تشير إلى أن هذه الحرائق ليست مجرد حوادث عرضية، بل عمليات إتلاف مدبرة تهدف إلى طمس أدلة الفساد المالي، وغسيل الأموال، والاحتيال على الدولة، في مؤامرة تصل خيوطها إلى مستويات عميقة.

نمط متكرر.. من الميناء إلى البنوك

طرح المحلل السياسي معز تفاصيل دقيقة لنمط يثير الريبة: كلما خضعت مؤسسة للرقابة أو التدقيق، اشتعلت فيها النيران. وأبرز الأمثلة التي ساقها:

  1. مستودعات ميناء رادس: استذكر المحلل زيارة رئيس الحكومة الأسبق يوسف الشاهد للميناء في خضم الحديث عن استفحال الفساد الديواني، ليُفاجأ الجميع باحتراق أحد المخازن الديوانية بالكامل بعد ساعة واحدة فقط من مغادرته، واصفاً الحادثة بأنها كانت “عملية تحدٍ للدولة”.

  2. قطاع الملابس المستعملة: أشار إلى أن مصانع “الفريب” تشهد حرائق سنوية بشكل شبه روتيني، معتبراً أن الهدف هو “تجنب المراقبة في خصوص كل ما يتعلق بطرق الاحتيال” وتصفية السجلات قبل وصول المفتشين.

  3. حريق أرشيف بنك كبير: في حادثة وقعت بتاريخ 3 مايو 2023، التهمت النيران جزءاً كبيراً من أرشيف أحد البنوك الشهيرة في تونس. الصادم في الأمر، حسب المحلل، هو أن هذا الحريق تزامن مع خضوع البنك لرقابة مالية دقيقة من وزارة المالية بشأن “تجاوزات خطيرة تتعلق بتبييض وغسيل وتهريب أموال”.

الفيديو:

اتهامات بالتقاعس وتدوير الفاسدين

من جهته، أكد الصحفي محمد البوزيدي أن ما يحدث هو “مؤامرة منظمة” تقودها “لوبيات وحرامية بلا قلب أو ضمير”. وأضاف بعداً آخر للقضية، متهماً المنظومة بتدوير الفشل والفساد، حيث قال: “المديرون الفاشلون الذين يتم إعفاؤهم، للأسف، يُعيّنون في التفقدّيات. وبقدرة قادر، يتحولون في ساعات من متهمين إلى مراقبين لملفات الفساد”، مما يخلق حلقة مفرغة تضمن عدم كشف أي جريمة.

جريمة دولة في غابة دار شيشو

تصاعدت حدة الاتهامات عند الحديث عن حريق غابة دار شيشو بمنطقة قليبية، والذي وُصف بأنه “جريمة دولة واضحة المعالم”. فبعد الثورة، أُحرقت الغابة بالكامل في حريق هائل استدعى تدخل طائرات إطفاء إيطالية. لكن ما حدث بعد سنوات كان الصدمة الأكبر، حيث تحولت الأراضي المحروقة إلى “منتجعات وفيلات وقصور” شيدها مسؤولون ونافذون، بعد أن اشتروا الأراضي بأبخس الأثمان.

تم الكشف عن الخبث القانوني في هذه العملية، حيث أن الحريق المتعمد يهدف إلى تغيير الصبغة القانونية للأرض من “ملك غابي عام” إلى أرض جرداء. يقوم المتورطون بعدها بزراعة أشجار الزيتون، وهي أشجار محمية قانونياً، لتثبيت ملكيتهم ومنع الدولة من استرجاعها، فتتحول الجريمة البيئية إلى ملكية خاصة مشروعة ظاهرياً.

دعوة عاجلة للتحرك

في ختام النقاش، أجمع المتحدثون على أن هذه الحوادث، سواء كانت صدفة أم بفعل فاعل، تتطلب تحركاً حازماً. وطالبوا النيابة العمومية والقضاء والأجهزة المختصة في وزارة الداخلية بفتح تحقيقات جدية في كل هذه الحرائق، وتتبع خيوطها لكشف المتورطين الحقيقيين وتقديمهم للعدالة. فالمسألة لم تعد تتعلق بحادث معزول، بل بنمط يهدد اقتصاد الدولة وسيادتها، ويؤكد أن هناك من يعمل في الظلام “لحرق تونس” وإخفاء جرائمه في الدخان والرماد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى