أخبار تونساخبار

بالوثائق : السطو على شوارع و ممتلكات الدولة وشرائها بالمال …. وعصابات و لوبيات فوق القانون تستحوذ عليها بلارقيب!!و 5 مؤسسات رسمية عاجزة

في قصة تكشف عن حجم التجاوزات على الملك العام للدولة، يقف المواطن حمدي العايب من ولاية سوسة، وهو ناجٍ من مرض السرطان، ليخوض معركة جديدة لا تقل ضراوة عن معركته مع المرض. لكن هذه المرة، خصمه ليس مرضاً خبيثاً، بل هو ما يصفه بـ”الاستيلاء على ممتلكات الدولة” في وضح النهار وبعلم من السلطات المحلية التي تبدو عاجزة أو متواطئة.

بصوت يملأه القهر ويدين مدعومتين بالوثائق والخرائط، يروي حمدي العايب قضيته التي تحولت إلى كابوس يومي. القصة تدور حول شارع عمومي، أو “كياس الحاكم” كما يسميه أهل المنطقة، كان يمر خلف منزل عائلته الذي بُني بشكل قانوني منذ سبعينيات القرن الماضي. اليوم، هذا الشارع لم يعد له وجود، فقد تم الاستيلاء عليه وبناء سور عليه، ليتحول الفضاء العام إلى جزء من ملك خاص.

رحلة البحث عن الحق: خمس مؤسسات تقرّ بالشارع دون أن تتحرك

بدأت معاناة حمدي عندما شرع جيرانه في البناء على أرض الشارع، ليتقلص الفضاء القانوني الفاصل بين منزله والبناء الجديد من 3 أمتار إلى 49 سنتيمتراً فقط، في انتهاك صارخ للقانون. لم يقف حمدي مكتوف الأيدي، بل طرق أبواب كل الإدارات المعنية، حاملاً معه كل الأدلة التي تثبت حقه وحق الدولة.

يقول حمدي بحرقة: “مشيت للبلدية قالوا لي ثمّة شارع، مشيت للتجهيز قالوا لي ثمّة شارع، مشيت للولاية قالوا لي ثمّة شارع، مشيت لأملاك الدولة قالوا لي ثمّة شارع، ومشيت لوزارة الداخلية في تونس… قالوا لي ثمّة شارع. خمس مؤسسات تابعة للدولة تقر بوجود الشارع، لكن لم يتحرك أحد لاسترجاع حق الدولة!”

الأخطر من ذلك، يكشف حمدي أن البلدية منحت ترخيص بناء “بموافقة مشروطة”، وهو ما يعتبره تحايلاً على القانون. وعندما واجه رئيس البلدية، كان الرد صادماً، حيث قال له حسب روايته: “الشارع موجود، اذهب واشتكِ بهم وبنا (بالبلدية)”.

تجاوزات خطيرة وتهديدات جسدية

لم تتوقف القضية عند الاستيلاء على الشارع، بل امتدت لتشمل مخالفات أخرى تهدد السلامة العامة، حيث تم البناء فوق خط الغاز الرئيسي للمدينة (Gaz de ville)، وعلى ضفاف وادٍ له حرمته القانونية التي تفرض الابتعاد عنه مسافة 14 متراً، وهو ما لم يتم احترامه.

وعندما تصاعدت وتيرة احتجاجه، تعرض حمدي للاعتداء الجسدي من قبل جيرانه، مما أسفر عن حصوله على شهادة طبية تثبت عجزه لمدة 9 أيام، كما تم تركيب كاميرات مراقبة موجهة مباشرة إلى نوافذ منزله، في انتهاك صارخ لحرمة حياته الخاصة وعائلته.

“لست أطلب مالاً ولا أي شيء، يا سيادة الرئيس. أريد فقط حقي وحق الدولة. هذا الذي أركض خلفه ليس ملكي، ليس ملك عائلتي، ولا ملك الوالي أو رئيس البلدية… هذا ملك الدولة، ملك الرئيس قيس سعيّد. لقد سُرق الشارع بالمال، وتفكّ بكل شيء.”
حمدي العايب

الفيديو:

صرخة أخيرة لرئيس الجمهورية

بعد أن استنفد كل السبل القانونية والإدارية دون جدوى، وبعد أن وصل به اليأس إلى حد التهديد بإضرام النار في نفسه لإيقاف أعمال البناء، يوجه حمدي العايب اليوم نداءه الأخير والمباشر إلى رئيس الجمهورية قيس سعيّد، الذي يرفع دائماً شعار تطبيق القانون على الجميع وحماية ممتلكات الدولة.

قضية حمدي العايب تطرح أسئلة مقلقة حول مدى نفوذ البعض وقدرتهم على تجاوز القانون، وحول فعالية المؤسسات الرقابية في حماية الملك العام. إنها ليست مجرد قضية شارع تم إغلاقه، بل هي اختبار حقيقي لإرادة الدولة في فرض سيادة القانون واسترجاع حقوقها المسلوبة. فهل ستصل صرخة هذا المواطن إلى من يعنيهم الأمر، أم سيبقى صوته مجرد صدى في وادٍ عميق من التجاهل واللامبالاة؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى