أخطر ملف على طاولة رئيس الجمهورية قيس سعيد.. كبار الموظفين والمديرين والوزراء و 3000 من كبار القيادات الأمنية يتقاضون المليارات دون عمل مع جميع الامتيازات

من “جريمة العفو التشريعي” إلى قوانين التقاعد الفاسدة.. الإعلامي يرسم خريطة إهدار المليارات و”قـ ..ـتـ..ـل” الكفاءات في الإدارة التونسية، مقدماً شهادة كاملة حول أخطر ملفات الفساد المقنّن.
في حلقة كشفت عن عمق الأزمة التي تنخر جسد الإدارة التونسية، وجه الإعلامي محمد البوزيدي عبر برنامجه “فقط اسمع وشوف” صرخة مدوية، واضعاً على الطاولة أحد أكثر الملفات حساسية وتكلفة: ظاهرة “الفريكو” التي تلتهم المليارات وتُهدر الكفاءات. وفيما يلي النص الكامل لشهادته التي قدمها كتشريح شامل لورم خبيث في قلب الدولة.
“الفريكو”: بطالة قسرية بمرتبات مليارية
“اليوم في تونس، عنّا عدد غير معلوم من المديرين العامين ومن الإطارات العليا للدولة التونسية موجودين في الفريكو، موجودين في بطالة قسرية. ياخذوا في شهاري وامتيازات وسيارات وهما في ديارهم غير مباشرين. الناس هذوما، الدولة تصرف عليهم المليارات وهما في ديارهم. والسؤال المطروح: من يتحمل المسؤولية؟ شكون اللي خلاهم في هذه الوضعية؟ هل دولتنا ماهيش في حاجة إلى كفاءات وإلى مديرين عامين؟ وإن كانت هنالك بعض الأسماء اللي فيها شبهات فساد، فالمحكمة أولى بها.
انتقدونا على فتح هذا الموضوع وقالوا ما فماش، وقالوا راهم على الأصابع العداد متاعهم. تفضل سيدي، في كل الوزارات لدينا جيوش من قدماء المديرين والمديرين العامين الذين تم إسناد خطط إليهم ثم تم تجميدهم. إما أن يجمّد لأنه لم يقم بواجبه لأسباب تتعلق بتأديب إداري، أو يتم تجميده وإبعاده لأن الخط متاع الإدارة ومتاع الوزارة يسير في اتجاه آخر. كل وزارة عندها تراكمات، وأكبر وزارة فيها تراكمات هي وزارة الداخلية، عندهم أزيد من 3000 من كبار القيادات العليا مجمّدة دون عمل. أبعدوهم، معناها الإدارة هي التي تقتل موظفيها.”
الفيديو من برنامج فقط اسمع و شوف
بعنوان : أخطر ملف على طاولة قيس سعيد.. جيش من كبار الموظفين والمديرين والوزراء ينفذون عصیان صامت
نوعان من السكان: الكفاءات المظلومة والمتكبرون الرافضون للعمل
“أبعد الوزارة هذه، نمشي لكل الوزارات: التعليم والصحة وغيرها. ونزيدك، فمة مسألة أخرى تتعلق بكبار الموظفين. مثلاً، يتم إسناد خطة مدير ديوان لموظف، بعد ما يتم إبعاده ما يساعدوش يرجع لخطته الأصلية. كان يحكم في وزارة، تجي ترجعو أنت للكرطابلة؟ عندنا بعض مديري الدواوين من رجال التعليم اشتغلوا في وزارات أخرى، خدا مدير ديوان، بعد باش ترجعو، يقولك: لا، ما يساعدنيش. عنّا وزراء اشتغلوا، وينهم؟ ما يخدمش، قاعد. يقولك لا، أعطيني وظيفة وما نمشيش. والإدارة معبّاة بكفاءات وغير كفاءات. فمة كفاءات مظلومة في الإدارة التونسية، وهذا موجود في كل الوزارات ودون استثناء.
ولم تتشكل اليوم من قبل الحكومات أي لجنة من أجل إنصاف أولئك الذين ظلموا في فترات معينة لأسباب إما سياسية أو إدارية بالأساس، أو على سبيل الكيد. ما فماش وزارة، وأنا عندي أصدقاء في كل مكان، ما فماش وزارة إلا وتجد فيها عدداً كبيراً من الموظفين السامين الأكفاء اللي تتوفر فيهم كل الصفات ولا يتم توظيفهم لسبب بسيط: لأنهم يحبّوا كان القوّادة والمنافقين.
وفي المقابل زادة، عنّا أشخاص آخرين يتوكلون وما يحبوش يخدموا، ويقول لك: أنا كنت وزير أو كنت مدير ديوان أو كنت كاتب دولة أو كنت مدير عام، مش ترجعني للخطة الفلانية؟ لا ما نقبلش. وعنّا أمثلة، خليني نعطيك أمثلة باش نشطوا الليلة: عنّا زوج مديرين دواوين في وزارة الداخلية من سلك التعليم، ما يخدموش ويخلصوا ويحوسوا ويدوروا وعندهم الامتيازات منذ سنوات. ها حل وناقش.”
القوانين الفاسدة والامتيازات الصادمة
“كيف للدولة أن تدفع مرتبات منتفخة لهؤلاء وتُسندهم امتيازات وهم ما يخدموش، في بلاد البطالة معبّية بخريجي الجامعات؟ كيف لدولة عندها إطارات عليا بالآلاف محالين على البطالة الإجبارية واحنا في حاجة إلى إدارات للمراقبة وموظفين لتسيير عديد الأعمال؟ من جهة نشكيو ونقولوا ما عنّاش موظفين والإدارة فرغت، ومن جهة أخرى وراء الستار عنّا آلاف من كبار الموظفين ياخذوا في شهاري وامتيازات وسيارات وخدم وحشم.
في كل وزارة عندها فريكو، عندها ثلاجة كبرى. كل وزارة والثلاجة متاعها يعطيوها عنوان: مرصد كذا، أو التفقديات. التفقديات كلها ثلاجات لتبريد الموظفين، يبرد غادي لين يجمد في انتظار أنه يدخّلوا صاحب شأن أو صاحب نفوذ باش يجبدو من الثلاجة. التفقديات لا تعمل بالمرة، وتعمل على مقاس السيد الوزير وقت اللي يحب يحركها ووقت اللي يحب يخبّاها.
في دولة تمر بأزمة اقتصادية واجتماعية وعليها ديون ثقيلة جداً، راهو من الحكمة أن يتحرك رئيس الجمهورية ويدفع رئيسة الحكومة ووزرائه إلى اتباع سياسات تقشف. علاش خايفين من سياسات التقشف؟ التقشف هو مراجعة الامتيازات الممنوحة لكبار المسؤولين في الدولة. كيفاش أنت في دولة، السيد هذا يتسمى وزير يشتغل لسنتين، يخدم عامين يخرج مؤمّن في الحيطة الاجتماعية وكأنه اشتغل 40 عاماً؟ شكون مش يخلص عليه؟ مش يخلص عليه أنا وأنت وكل من يدفع للصناديق الاجتماعية. ياخذوا البلافون. وتعرف قداش مسؤول تراكم؟ هذا قانون فاسد من عهد بن علي منذ بداية التسعينات. عندنا آلاف الموظفين خدموا عامين يتقيّدوا كأنهم اشتغلوا 40 عاماً. الوزراء اللي ياخذوا في التقاعد من الصناديق وهم مرّوا لفترة زمنية قصيرة وكانوا عناوين للفشل، لكن لليوم الدولة تجازيهم بتقاعد ملكي.”
الأدهى: من أموال الدولة يهاجمون الدولة
“ربي يرحمه الباجي قائد السبسي، هو مش موظف بالوظيفة العمومية، كان يشتغل محامي، لكن حين توفي، باعتبار أنه اشتغل رئيساً لأربع سنوات، أسندت له الصناديق الاجتماعية تسعة مليارات من المليمات التونسية كتعويض لمنحة الوفاة. لكن خلينا نحكي على الأحياء، الموتى ربي يرحمهم. نحكي على بعض الوزراء اللي كانوا سبباً في خراب هذا الوطن، اليوم مازالوا يتمتعون بالامتيازات من الدولة ومن الصناديق. راني نتكلم على بعض المسؤولين اللي تسللوا إلى الوظائف الرئيسية في البلاد وخذوا الامتيازات، وبعض منهم مازال يحافظ على هذه الامتيازات لليوم، وفيهم حتى الفارّ من العدالة ومطلوب للعدالة ويتآمر على الوطن ويسب في البلاد ليل ونهار. ومن الشهرية المنتفخة اللي ياخذوا فيها، يموّل في صفحات (سبونسوريزي)، معناها من فلوسك يا دولة نسبّك، ومن فلوسكم يا توانسة ننكّل بيكم.”
“مللت وأنا أكرره”: تشريح جذور الخراب
“والله الصحيح وجعلي راسي. علاش وجعلي راسي؟ خاطر فهمتني مللته وأنا أكرره منذ عامين وثلاثة، وحضرنا في البلاتوهات وجبدت الموضوع هذا وتوجهت مباشرة للرئيس وقتها، لأنه كان في مسيرة أنه يحب يصلح المنظومة هذيا متاع الإدارة. توا إحنا باش نخبيو الشمس بالغربال؟
علاش؟ أنت تدخل للإدارة، وماناش باش نحكيو على طريقة الدخول كيفاش دخلت كموظف، لأنه قبل 2011 كان عندك شكون في الهمّة تختار، بعد 2011 ولات الكركرشة، ادخل. ودخلوا هذوكم بالشهادات المضروبة، الشهادات اللي ماهيش صحيحة، ثم العفو التشريعي العام. والعفو التشريعي العام راه فيه إجرام شديد في حق الدولة التونسية وفي حق الشعب التونسي. وأغرقت الإدارة، ومش عفو تشريعي عام برك، الإدارة في حد ذاتها، المباشرين اللي كانوا ينتمون في الخفاء للمنظومة هذيك تم منحهم امتيازات. تعبّات الإدارة، غرقت.
باهي، كيفاش دواليب الدولة تدار؟ أخلاقيات الإدارة شنوة؟ كل هيكل عندو نظام، نظام الولاءات، نظام أنت راضين عليك ولا مش راضين عليك، نظام أنت تعطي ولا ما تعطيش، نظام أنت شخص قابل للتطويع أم لا. أنت وطني نزيه نظيف، تخدم بالقانون، تهمك المصلحة العامة، تهمك مصلحة الشعب، تهمك الراية الوطنية؟ أنت غير مرحب بك. علاش غير مرحب بك؟ هاك عندك وظيفة، اخدمها واسكت على روحك. وإن خلطت بطريقة أو بأخرى إلى مناصب عليا، تمشي للفريكو.”