تعيينات مشبوهة و تقارير مفخخة ومغالطات.. وتحالف مع الفساد … و اعادة تعيين كل المسؤولين الذي تم إعفائهم من طرف رئيس الجمهورية

تونس – في حلقة نقاشية ساخنة، وضع الإعلامي محمد البوزيدي ملف التعيينات الحكومية تحت المجهر، فاتحًا الباب على مصراعيه أمام تساؤلات جريئة حول الأسباب الحقيقية وراء ما وصفه بـ”الفشل الذريع” للمسؤولين الذين نالوا ثقة رئيس الجمهورية قيس سعيد بعد 25 جويلية. فهل هي مجرد مسألة كفاءة، أم خيانة أمانة، أم أن الأمر أعمق من ذلك بكثير، حيث تتحول المناصب إلى بوابات للانخراط في منظومات الفساد؟
افتتح البوزيدي النقاش بلهجة حادة، متسائلاً عن حقيقة الأزمة: “الموضوع اللي باش نحكي فيه توا يخص التعيينات. في تونس هنالك فشل ذريع للتعيينات. هل بسبب الأسماء المعيّنة؟ هل بسبب أنه الناس اللي تعيّنت غير كفأة؟ هل بسبب أنه الناس اللي تعيّنت وأعطاهم رئيس الجمهورية ثقته، خانوه بسرعة قصوى وانخرطوا مع العصابة في الفساد؟”.
وأشار البوزيدي إلى نمط متكرر ومقلق، حيث يدخل المسؤولون المشهد “بشعارات رنانة وينتهون في مزبلة التاريخ بفضائح وبفشل ذريع”. هذا الطرح مهد الطريق أمام الضيوف لكشف خبايا ما يدور في أروقة الإدارة، حيث تتشابك المصالح وتُعطّل المشاريع وتضيع حقوق المواطنين.
الفيديو:
قيس سعيد ولغز التعيينات..تقارير مفخـ ـخة ومغالطات..خيانات وتحالف مع الفســاد ؟!!!
منظومة الفساد: جذور قديمة وأذرع متجددة
المحلل السياسي معز ربط الأزمة بجذور تمتد إلى ما بعد 2011، معتبراً أن المشكلة لم تبدأ اليوم. وأوضح: “المشكل من 2011 حين دخل مجموعة من الوزراء لا نعرف من أتى بها، ونُصّبوا في مناصب حساسة… وضعت الشركات الأجنبية متعددة الجنسيات يدها على الوزارات الهامة في البلد واستمرت الصفقات”. وذهب معز إلى أبعد من ذلك، داعياً النيابة العمومية إلى “فتح ملفات ياسين إبراهيم حين شغل وزارة النقل، ارتكب جرائم خطيرة جدًا”.
ولم يسلم وزراء ما بعد 25 جويلية من انتقاداته، حيث أكد أنه “لم ير وزيرًا يثلج صدور التوانسة بعد 2021… لا توجد إنجازات حقيقية”، مشيراً إلى أن أي تقدم، مثل قانون الشيكات، جاء بضغط من الرئيس والرأي العام وليس بمبادرة من الوزراء أنفسهم.
رئيس نظيف في مواجهة تعيينات مشبوهة
من جانبها، قدمت حذامي رؤية تضع المسؤولية على دوائر التعيين المحيطة بالرئيس، معتبرة أن رئيس الجمهورية نفسه نزيه. وقالت بصراحة: “لأول مرة باش نقولها، جانا رئيس جمهورية نظيف، ماهوش فاسد، ماهوش سارق، والكلام هذا يظهرلي حتى حد ما ينجم يناقشني فيه”.
لكنها سرعان ما وجهت أصابع الاتهام إلى المنظومة الإدارية، مؤكدة أن “مكمن الداء اليوم في بلادنا هي التعيينات اللي هي أغلبها مشبوهة في كل الإدارات، في كل الوزارات”. وكشفت حذامي عن ظاهرة خطيرة تتمثل في أن المسؤولين الذين يعفيهم الرئيس بسبب فشلهم، تتم إعادة تعيينهم في مناصب أخرى من قبل وزراء آخرين، في تحدٍ صارخ لإرادة رئيس الدولة، قائلة: “مسؤول فاشل أعفاه رئيس الجمهورية، تقوم أنت كوزير معين من قبل رئيس الجمهورية بعد سنة تعاود تعيّن نفس المسؤول الفاشل في موقع حساس وتتوقع يعني نتيجة أخرى مخالفة؟”.
شهادة حية: كيف تحمي الوزارات البارونات؟
الدكتور بالعيد قدّم شهادة حية وصادمة عن تجربته الشخصية التي تلخص عمق الأزمة. وروى كيف أن شخصًا يسعى للحصول على ترخيص في مجال معين، وهو حق يكفله القانون، يصطدم بجدار من البيروقراطية والرفض غير المبرر.
وأوضح بالعيد أن من يسعى للحصول على منصب “يقطع روحه باش ياخو البوست، ما يصلحش للبوست”، لأن لديه استعدادًا مسبقًا لـ**”بيع الذمة متاعه”**. ثم كشف عن حوار دار بينه وبين مسؤول كبير في وزارة البيئة بحضور الوزير ورئيس الديوان، حيث تم رفض طلبه بشكل قاطع دون أي سند قانوني. وعندما أصر على معرفة السبب، كان الجواب صادمًا، حيث نصحه المسؤول بالابتعاد عن المجال قائلاً: “يا خويا أنت برا جيب حاجة أخرى”، وهو ما فسره بالعيد بأنه تلميح واضح بأن هذا القطاع حكر على “أربعة كبارات” يسيطرون على السوق.
هذه الواقعة، كما يرويها بالعيد، تؤكد أن الإدارة لا تعمل وفق القانون، بل وفق مصالح لوبيات وبارونات تحميهم وتغلق الأبواب أمام أي منافس جديد.
خاتمة: بين أمانة المسؤولية وتقسيم الغنيمة
في ختام النقاش، عاد الإعلامي محمد البوزيدي ليطرح السؤال الجوهري الذي يلخص معاناة التونسيين: “هل لنا وزارات لها إدارات تسير شؤون المواطنين؟ أم لنا وزارات تقسم الغنيمة بين الكبارات؟ تقسم التوريد والتصدير بين البارونات؟ هل لنا مديرين عامين لتسهيل الخدمات للمواطنين أم لغلق الأبواب؟”.