تسوية الوضعية القانونية لأكثر من مليون تونسي في المنازل السكنية و الببناءات التجارية و البناءات المخصصة للمشاريع الصناعية المعطلة عن العمل.

تونس – في حلقة جديدة من برنامجه الشهير “بلا قناع”، وبأسلوبه المباشر والمعهود، سلّط مقدم البرنامج الضوء على ما وصفه بـ”أهم مشروع قانون” يهدف إلى إنهاء عقود من المعاناة والقلق، عبر تسوية الوضعية العقارية لمئات الآلاف من المساكن التي شُيدت في الأحياء الشعبية المنتشرة في كافة أنحاء الجمهورية “دون استثناء”.
هذا المقترح، الذي بات اليوم على طاولة النقاش في مجلس نواب الشعب، يحمل معه آمالاً عريضة لما يزيد عن مليون مواطن تونسي، يعيش الكثير منهم في وضع قانوني هش يحرمهم من أبسط حقوقهم.
أزمة بحجم وطن يكشفها “بلا قناع”
الفيديو:
بشرى لسكان الأحياء الشعبية قانون عطلته كل الحكومات..قانون يشمل مليون تونسي ويسوي وضعيتهم العقارية
في حديثه المصور، وجه مقدم البرنامج خطابه مباشرة إلى سكان هذه الأحياء، مؤكداً أن مشاكلهم المزمنة المتعلقة بـ”الماء والضوء والتسوية العقارية” قد تجد طريقها إلى الحل. ولرسم صورة واضحة عن حجم الأزمة، استعرض المتحدث أرقاماً تعكس الواقع على الأرض، مشيراً إلى أن تونس تضم ما بين 450 إلى 500 حي شعبي، بعضها تحول إلى مدن قائمة بذاتها بكثافة سكانية هائلة، ضارباً أمثلة حية بأحياء معروفة مثل “حي التضامن، البنيلة، دوار هيشر، والسيجومي”، حيث قد يصل عدد السكان في بعضها إلى 400 ألف ساكن.
وتؤكد الإحصائيات الرسمية، التي وردت في وثيقة شرح أسباب المقترح المقدم لمجلس النواب، أن 38% من المباني التي تشيّد سنوياً في تونس تتم خارج الأطر القانونية. هذا يعني أن ما بين 800 ألف ومليون تونسي يعيشون في أكثر من 1400 حي فوضوي، محرومين من حقهم في امتلاك شهادات ملكية رسمية.
ماذا يقدم القانون الجديد؟
يهدف مقترح القانون، الذي يمتد حتى 31 ديسمبر 2025، إلى تسوية الوضعية القانونية للمساكن التي بنيت دون تراخيص أو خالفت مقتضيات البناء. وأوضح مقدم برنامج “بلا قناع” أن التسوية لا تقتصر على المنازل السكنية فقط، بل تشمل أيضاً “المباني المخصصة للتجارة أو الصناعة أو غيرها” من المشاريع التي تعطلت بسبب غياب الأوراق الرسمية.
وبحسب الفصول المقترحة، سيستفيد من إجراءات التسوية كل مواطن تونسي يثبت ملكيته للأرض المشيد عليها عقاره، حتى وإن كان بعقد غير مسجل، بشرط احترام المعايير العمرانية للمنطقة وعدم الإضرار بحقوق الغير.
لكن القانون وضع خطوطاً حمراء واضحة، حيث استثنى بشكل قاطع البناءات المقامة على:
-
ملك الدولة العمومي.
-
مناطق مصنفة خطرة أو ممنوعة (كمجاري الأودية).
-
أراضٍ متنازع عليها أو تم الاستيلاء عليها بطريقة غير قانونية.
من التسوية إلى التنمية الاقتصادية
لا يتوقف طموح هذا القانون عند مجرد منح شهادات الملكية. الهدف الأسمى، كما شدد مقدم البرنامج، هو “إدماج هؤلاء المواطنين في النشاط الاقتصادي التونسي”. فبمجرد حصول المواطن على شهادة ملكية، “ينجم ياخو قرض ويسوي وضعية دارو ويحل فيها مشروع”.
هذه الخطوة ستحرر طاقات اقتصادية هائلة، وستمكن آلاف الأسر من تحسين ظروفها الحياتية، والمساهمة في خلق مواطن شغل جديدة، مما يعطي “نفساً جديداً للمشاريع المعطلة” ويعزز الدورة الاقتصادية للبلاد.
لا تسامح مع الفوضى مستقبلاً
لمواجهة استمرار ظاهرة البناء الفوضوي، تضمن مقترح القانون فصلاً رادعاً (الفصل 12) يعاقب كل مخالف لقانون البناء بعد صدور هذا القانون إما بـ”هدم البناية المشيدة دون رخصة” أو “تسليط خطية مالية تساوي 3 مرات قيمة الأرض محل البناء”، في رسالة واضحة بأن التسوية الحالية هي فرصة لتصحيح أخطاء الماضي وليست ضوءاً أخضراً لتكرارها.