محاباة و ملفات فساد كبرى و ابتزاز للدولة و إنجازات وهمية و إهدار 500 مليار في مشاريع فلاحية

في حلقة صادمة من برنامجه “بلا قناع”، كشف الإعلامي محمد البوزيدي عن ملفات فساد وإهمال جسيمة في القطاع الفلاحي بتونس، متهماً مسؤولين بـ”بيع الطرح” والتسبب في إهدار مئات المليارات في مشاريع استراتيجية كان من شأنها تعزيز الأمن الغذائي للبلاد. وعبر تحقيق مدعوم بالصور والمستندات، ربط البوزيدي بشكل مباشر بين غلاء أسعار الفواكه والغلال في الأسواق التونسية وتعطيل هذه المشاريع الحيوية.
من غلاء الأسعار إلى جذور الأزمة
استهل البوزيدي تقريره بالإشارة إلى الواقع المرير الذي يعيشه المواطن التونسي، حيث وصل سعر كيلوغرام العنب إلى 12 ديناراً، والخوخ إلى 8 دنانير، والعوينة إلى 20 ديناراً. وأكد أن هذه الأسعار الخيالية ليست وليدة الصدفة، بل هي نتيجة مباشرة لـ”تقصير غير مبرر لا يدخل العقل” و”فظاعات تُرتكب في حق الدولة”. رافضاً تحميل المسؤولية للرئيس قيس سعيد، وجّه البوزيدي أصابع الاتهام مباشرة إلى مسؤولين في الإدارات المعنية والوزارات، الذين يتفاخرون بإنجازات وهمية بينما تتعطل مشاريع حيوية على أرض الواقع.
الفيديو:
آسرار صادمة تخرج للعلن ..📛هل يحرك سعيد الجيش ويضع “أخــ ـطر آخطبوط” في مرمى نيران القوات المسلحة
ملف سيدي ثابت: 100 مليار مهدرة ومشروع معطل منذ 2011
سلط التقرير الضوء على مشروع المنطقة السقوية في سيدي ثابت، والذي وُصف بأنه يضم “أفضل الأراضي في تونس”. المشروع، الذي يغطي مساحة 3500 هكتار ورُصدت له ميزانية ضخمة بلغت 100 مليار دينار، لا يزال معطلاً منذ عام 2011.
الصدمة، بحسب البوزيدي، تكمن في أن سبب التعطيل هو “مواطن واحد” قام بوقف المشروع ومنع الدولة من تمرير قنوات الري عبر أرض تابعة للدولة نفسها. وأظهرت المشاهد التي عرضها البرنامج قنوات الري العملاقة وهي مهملة ومرمية بين الأعشاب منذ سنوات، بينما تم بناء الخزانات المائية التي بقيت فارغة، ما يمثل هدراً فاضحاً للمال العام وضربة قاصمة للقطاع الفلاحي في المنطقة.
فساد “عروسية”: ابتزاز الدولة وتلبية مطالب غير قانونية
لم تكن كارثة سيدي ثابت هي الوحيدة. انتقل البوزيدي ليكشف عن ملف آخر لا يقل خطورة، وهو مشروع فلاحي ضخم تبلغ تكلفته 400 مليار دينار بالقرب من سد عروسية، يهدف إلى ري 2000 هكتار من الأراضي. هذا المشروع معطل منذ ست سنوات بسبب ابتزاز مباشر للدولة من قبل بعض المواطنين.
وفقاً للتقرير، قام أفراد بعرقلة سير العمل ومنع الوصول إلى موقع المشروع، مشترطين على الدولة تلبية مطالب شخصية وغير قانونية مقابل السماح باستكمال الأشغال. وشملت هذه المطالب:
-
تعبيد طريق خاص (بيست) لمنزل أحدهم.
-
بناء سياج (كلوتور) بقيمة 100 مليون دينار.
-
بناء سور كامل بقيمة 300 مليون دينار.
المفاجأة الأكبر، كما ذكر البوزيدي، هي أن المسؤولين المعنيين رضخوا لهذه المطالب وقاموا بتنفيذها بأموال الدولة، ما يطرح تساؤلات جدية حول المحاباة والفساد المستشري في الإدارات. وفي النهاية، ورغم تلبية المطالب، قام هؤلاء الأفراد بإغلاق الطرق المؤدية إلى المشروع بالتراب، ليصبح الوصول إليه مستحيلاً إلا عبر طائرات الهليكوبتر.
النتائج الكارثية: تهديد الأمن الغذائي ولجوء الفلاحين للمياه الملوثة
النتيجة المباشرة لهذا الإهمال والفساد كانت كارثية. فمع انعدام مياه الري النظيفة، اضطر الفلاحون في المنطقة إلى استخدام مياه “واد مجردة” الملوثة لري مزروعاتهم، مما يهدد صحة المستهلك وجودة المنتجات الفلاحية. كما أدى تعطل هذه المشاريع إلى انقراض الأشجار المثمرة وتدهور الأراضي الزراعية، وهو ما يفسر نقص الإنتاج وارتفاع الأسعار الجنوني.
واعتبر البوزيدي أن ما يحدث ليس مجرد سوء تصرف، بل هو تعطيل ممنهج لـ”الأمن الغذائي القومي” للبلاد.
دعوة لتدخل الجيش: “إذا عجزت الإدارة، فلتتحرك المؤسسة العسكرية”
في ختام تقريره، وجه محمد البوزيدي نداءً مباشراً إلى رئيس الجمهورية، قائلاً: “إذا كانت الدولة وإداراتها عاجزة عن فرض القانون وحماية مشاريعها الاستراتيجية، فلتنزل الجيش”. وأكد ثقته في المؤسسة العسكرية كحل أخير لإنهاء هذا العبث، وحماية المال العام، وإعادة المشاريع إلى مسارها الصحيح لخدمة الفلاحة والمواطن التونسي. فإلى متى يستمر إهدار المليارات وتعطيل مصالح الدولة العليا دون محاسبة أو رقابة؟ سؤال تركه البوزيدي مفتوحاً، بانتظار تحرك عاجل من السلطات العليا.