وقائع فضيعة حول بنك تونس بالخارج.. و خسائر بـ15 مليون يورو… فساد إداري وتبديد للمال العام و ملفات فساد ضخمة تم التستر عليها لسنوات من قبل هؤلاء المسؤولين في الدولة

تونس – في تصريحات خطيرة ومفصلة، تم الكشف عن الوضع المالي الكارثي لأحد البنوك التونسية العمومية العاملة في الخارج، والذي بات على حافة الإفلاس التام، وسط اتهامات بوجود ملفات فساد ضخمة تم التستر عليها لسنوات من قبل مسؤولين في الدولة.
إفلاس وشيك وخسائر فادحة
بدأ أحد المتحدثين حديثه بالتأكيد على أن هذا البنك، الذي يُعتبر مفخرة لتونس كونه بنكاً مرخصاً بتونسية الهوية يعمل في أوروبا، وهو إنجاز عجزت عن تحقيقه دول خليجية ذات قوة مالية أكبر، يواجه اليوم مصيراً مظلماً. وأوضح بالأرقام: “البنك في حالة إفلاس، حيث بلغت خسائره 15 مليون يورو خلال عامي 2023 و2024 فقط”.
الفيديو:
وقائع فضيعة حول بنك تونس الخارجي.. خسائر بـ15 مليون يورو، ملفات فساد كبرى وما خفي كان أعظم!!!
وأضاف أن هذه الخسائر أدت إلى تآكل أكثر من 50% من رأس مال البنك، وهو ما يضعه قانونياً في حالة إفلاس. وحذر قائلاً: “الدولة مطالبة بالتدخل الفوري، إما عبر ترفيع رأس ماله لإنقاذه، أو سنشهد ضياعه بالكامل”.
فساد إداري وتبديد للمال العام
لم تتوقف المشكلة عند الخسائر المالية، بل امتدت لتشمل ملفات فساد وسوء إدارة صارخ. واستناداً إلى التقرير الأخير لمحكمة المحاسبات، كشف المتحدث الثاني عن تفاصيل صادمة حول كيفية تبديد أموال البنك.
أحد أبرز الأمثلة كان سلوك المديرة العامة السابقة للبنك، التي كانت “تسافر أسبوعياً بين تونس وفرنسا على حساب البنك، وتقيم في أفخم الفنادق، كما تم استئجار منزل فخم لها في حي راقٍ بباريس”. لم يقتصر الأمر عليها، بل إن موظفين آخرين كانوا يتبعون نفس النمط، مما أدى إلى تضخم الكلفة المالية للبنك بشكل غير مبرر.
كما تم التأكيد على أن ديون البنك، التي هي في الأصل أموال عمومية تخص الخزينة التونسية والشعب، لم تتم المطالبة باسترجاعها، وسط تواطؤ وتستر على هذه الملفات الخطيرة التي لم تُفتح للتحقيق بشكل رسمي حتى الآن، مما يجعل “المأساة تتواصل”.
تستر ممنهج وأزمة هيكلية
وجه المتحدثون اتهاماً مباشراً لوزراء المالية المتعاقبين بـ”التستر على ملفات الفساد في هذا البنك”، مشيرين إلى أن الأزمة ليست وليدة اليوم، بل “تمتد لأكثر من 10 سنوات”.
وللتدليل على أن هذه الأزمة ليست حالة معزولة، تم استحضار قضية “بنك تمويل المؤسسات الصغرى والمتوسطة (BFPME)”، الذي وُصف بأنه “مفلس أيضاً”، واضطرت وزارة المالية العام الماضي إلى ضخ أموال إضافية في رأس ماله لإنقاذه. وذكر أحد المتحدثين أنه واجه شكاية قضائية لمجرد كشفه عن الوضع الحقيقي لهذا البنك.
دعوة عاجلة لإعادة هيكلة القطاع المصرفي العمومي
في ظل هذا الوضع الحرج، طُرحت تساؤلات جوهرية حول مستقبل البنوك العمومية في تونس، وهل تحتاج الدولة بالفعل إلى هذا العدد الكبير منها، خاصة مع تكرار حالات التعثر المالي والفساد.
واقترح المتحدثون حلولاً جذرية، تبدأ بإيجاد مخرج عاجل للبنك المعني، سواء عبر “دمجه في بنك عمومي آخر مثل الشركة التونسية للبنك (STB)”، أو “ترفيع رأس ماله مع محاسبة المتورطين”. لكن الحل الأهم، حسب رأيهم، يكمن في “إعادة هيكلة شاملة لكل البنوك العمومية”.
وشددوا على ضرورة تقليص عدد هذه البنوك وتوحيد إداراتها لتخفيض التكاليف الباهظة الناتجة عن تعدد المناصب العليا (رئيس مدير عام، مدير مخاطر، مدير قروض، مدير شؤون قانونية في كل بنك). وختموا بالتحذير من أن أي حلول ترقيعية، مثل ضخ الأموال دون محاسبة وإصلاح هيكلي، ستؤدي حتماً إلى إفلاس جديد في العام المقبل، واستمرار نزيف المال العام.