تسريبات صاادمة عن وزراء استأمنهم قيس سعيد فأصبحوا متحالفين مع كبار لصوص المال العام والفاسدين؟

تونس – في تطور لافت يسلط الضوء على عمق أزمة الفساد في تونس، بدأ مقدم البرنامج محمد البوزيدي الحلقة بعرض وثائق قال إنها تكشف تورط شخصيات نافذة في الاستيلاء على المال العام عبر قروض بنكية ضخمة لم يتم سدادها.
ورفع البوزيدي أوراقاً أمام الكاميرا، معلناً: “يا سادة يا مادة، ها هو ملف… فيه تقريبا كل الأسماء التي استفادت من المليارات كقروض من بنوك عمومية”. وأضاف أن هذه الأموال المنهوبة لم تُستثمر في تونس، بل حُوّلت إلى الخارج، مؤكداً أن هؤلاء يمتلكون “شركات في بلدان أوروبية، وعقارات وفيلات فخمة في أرقى المواقع في العاصمة الباريسية، في لندن، في ألمانيا”.
وأشار البوزيدي إلى أن هذه المعلومات ليست جديدة بالكامل، فالجالية التونسية في الخارج تدرك حجم الثراء الفاحش لبعض المسؤولين الذين تعاقبوا على الحكم، والذي لا يتناسب مع مدخولاتهم المعلنة.
الفيديو:
تسريبات صاادمة عن وزراء استأمنهم قيس سعيد فأصبحوا متحالفين مع كبار لصوص المال العام والفاسدين؟
تناقض بين خطاب الرئيس وأداء الحكومة
أثار النقاش التلفزيوني حالة من الجدل حول الفجوة بين الخطاب الرسمي للدولة، المتمثل في تصريحات الرئيس قيس سعيد المتكررة حول محاربة “المافيات” و”الفاسدين المتغلغلين في الإدارات”، وبين الأداء الفعلي للحكومة والوزراء الذين، بحسب البرنامج، يظهرون وكأن “لا شيء يحدث”.
وتساءل البوزيدي، موجهاً الحوار: “نصدق رئيس الجمهورية؟ أم نتبع الوزراء الذين يقولون إن أمورنا جيدة ولا يوجد فساد؟”.
هذا الرأي دعمه الناشط السياسي معز بالحاج منصور، الذي وصف الجهاز الحكومي الحالي بأن “أياديه مرتعشة في علاقة بمتابعة ملفات هدر المال العام”، مضيفاً أن هذا التردد يأتي في وقت يعاني فيه مئات الآلاف من الشباب من البطالة وتتدهور فيه المقدرة الشرائية للمواطن.
إدارات متواطئة وملفات حبيسة الأدراج
تطرق الحوار إلى قضية “حزب الإدارة” أو ما يعرف بـ”الدولة العميقة”، حيث أكد المشاركون أن الإدارات المعنية بمتابعة هذه الملفات لا ترغب في فتحها، وأن بعض المتنفذين فيها “متورطون أصلاً في الفساد”.
واتفق المحللون على أن مجرد “جراءة رئيس الجمهورية” وحدها لا تكفي ما لم تتبعها إرادة حقيقية من المؤسسات التنفيذية لتطهير نفسها ومحاسبة المسؤولين الفاسدين. وأكد أحد المتحدثين: “هذه الإدارات التي لا تريد فتح هذه الملفات، عليها أن ترحل”.
قضية وزارة الاتصالات: 5000 مليار لمشاريع وهمية
كشف أحد الضيوف عن قضية محددة اعتبرها مثالاً صارخاً على الفساد المنظم، حيث تم تخصيص ميزانية تقدر بـ 5000 مليار دينار لوزارة الاتصالات في عام 2016 تحت غطاء “مشاريع رقمية وهمية”. وأضاف: “هذه الأموال فُتحت للأحزاب السياسية، كل حزب أنشأ شركة خاصة به وشارك في المناقصات، واستثرى منها كبار الوزراء في تلك الفترة”. واعتبر أن هذا الأمر لا يمثل فساداً مالياً فحسب، بل “اختراقاً للأمن القومي للدولة”، حيث أصبحت بيانات الدولة ومواطنيها مكشوفة للغرب.
عقبة الجنسية المزدوجة والمحاسبة الغائبة
أثيرت نقطة هامة تتعلق بصعوبة محاسبة الفارين من رجال الأعمال والمسؤولين الذين يحملون جنسيات أجنبية، حيث توفر لهم هذه الجنسيات حماية دبلوماسية من دولهم الثانية، مما يعرقل جهود ملاحقتهم واسترداد الأموال المنهوبة.
في الختام، أجمع المتحدثون على أن “عشرية الخراب”، كما وصفوها، خلّفت وراءها شبكة معقدة من الفساد المالي والإداري، وأن المحاسبة الحقيقية لم تتم بعد. ومع استمرار الكشف عن مثل هذه الملفات، يبقى السؤال مطروحاً حول ما إذا كانت الدولة التونسية ستمتلك الإرادة السياسية الكافية لتفكيك هذه الشبكات واستعادة أموال شعبها، أم ستبقى هذه الاتهامات مجرد صرخات في وادٍ سحيق من الإفلات من العقاب