تسريبات مدوية عن وزراء ومسؤولين تواطؤوا مع شركات أجنبية لسرقة الغاز والبترول والتهرب عن دفع الضرائب

تونس – في حوار تلفزيوني صاخب، تصاعدت حدة الاتهامات حول ما وصفه مشاركون بـ”تمرد على الدولة” داخل قطاع الطاقة في تونس، حيث كُشف النقاب عن شبهات فساد وتلاعب بمليارات الدينارات في عقود الشركات البترولية، وسط تجاهل متعمد لقانون إنهاء المناولة الذي يمس مصير آلاف العمال.
النقاش، الذي جمع بين الإعلامي محمد البوزيدي، والمحلل معز الحاج منصور، والنائب يوسف الطرشون، ومحللة سياسية، سلط الضوء على أزمة عميقة تتجاوز مجرد تلكؤ إداري لتصل إلى اتهامات صريحة بوجود “لوبيات فاسدة” داخل الإدارات التونسية تعرقل قرارات رئيس الجمهورية وتتلاعب بمقدرات البلاد.
“أين البترول؟ وأين أموالنا؟”: أسئلة جريئة تفتتح النقاش
استهل الإعلامي محمد البوزيدي الحوار بأسئلة مباشرة وجهها للرأي العام، كاشفًا عن حجم الغموض الذي يلف القطاع: “اليوم ثمّة نقطة غموض كبرى في الشركات البترولية والشركة التونسية للأنشطة البترولية. البترول وين؟ ما فماش. الكنترات (العقود) وين؟ ما فماش. فلوسنا وين؟ ما فماش. الخدامة والكونتراتوات متاعهم وين؟ ما فماش.“
الفيديو:
تسريبات مدوية عن وزراء ومسؤولين تواطؤوا مع شركات أجنبية لسرقة الغاز والبترول والتهرب عن دفع الضرائب
وتابع البوزيدي متسائلاً: “إلى متى تتمرد الشركات البترولية على الدولة التونسية؟ ولا من مسؤول تحرك واتخذ قرارات صادمة بطردها ومحاسبة كل المديرين الذين تعاقبوا على الشركة وتسببوا في ديون قاربت أو فاقت 1000 مليار دينار.”
ملف شركة OMV: تضخيم فواتير بـ3000 مليار دينار وتحقيقات “رُدمت”
المحلل معز الحاج منصور دخل في صلب الموضوع، كاشفاً عن تفاصيل قضية فساد كبرى تتعلق بشركة OMV والشركة التونسية للأنشطة البترولية (ETAP).
“هذا سؤال ثوري،” قال الحاج منصور، مضيفاً: “أول شيء، شركة OMV يطاردها بحث تحقيقي هي وETAP في خصوص تضخيم كلفة تأسيس مشروع منذ 2014. كلفوا الدولة التونسية 4000 مليار على حساب ميزانية الشعب التونسي، في حين أن الكلفة الحقيقية لا تتجاوز 1000 مليار. هناك 3000 مليار دينار لبرا! والبحث التحقيقي هذا رُدم مثلما رُدمت ملفات أخرى.”
وانتقد الحاج منصور “مجلة المحروقات الفاسدة” التي اعتبرها أساس العقود الظالمة، مؤكداً أن البرلمان لم يبادر بتنقيحها رغم الخسائر الكارثية التي تسببت فيها. وأوضح أن تكلفة المشروع تم تضخيمها “بفواتير مزورة” بتواطؤ من مسؤولين في ETAP ووزارة الصناعة، وأن التحقيق في القضية “تم إغلاقه”.
“لوبيات داخل الإدارة”: تمرد على قرارات رئيس الجمهورية
النقاش لم يتوقف عند الشركات الأجنبية، بل امتد ليشمل الإدارة التونسية نفسها، حيث أكدت المحللة السياسية وجود حالة تمرد واضحة.
المحللة السياسية: “نعم، هناك تمرد على قرارات السيد رئيس الجمهورية. كفانا رفعاً للشعارات، اليوم فما لوبيات داخل الإدارات التونسية، وهذا ليس كلامي، بل كلام رئيس الجمهورية. هؤلاء المعتصمون أكدوا لي أنهم حين يتوجهون للإدارات، يقولون لهم بالحرف الواحد: ‘تبعتوا رئيس الجمهورية، ذلك الشعبوي اللي شبعكم بكلام، امشيو له تو يخدمكم’. إنهم يعلنون التمرد على الدولة وليس فقط على رئيس الجمهورية.”
من جهته، اعترف النائب يوسف الطرشون بوجود “تلكؤ” في تطبيق القانون، قائلاً: “كل الوزارات فيها تجاوز لهذا القانون، والإدارات لا تطبقه. لا يقولون امتنعنا، بل يقولون هناك استشارة وما زلنا نتفاوض.” وأشار إلى أن المشكلة لا تكمن في غموض القانون، بل في “عدم استجابة الإدارات التي تمردت على تطبيق القانون.”
العمال المعتصمون: ضحايا الصراع بين القانون واللوبيات
في قلب هذا الصراع، يقف عمال المناولة الذين باتوا في وضعية هشة. أوضح النائب بالبرلمان التونسي أن وضعهم معقد: “هم ليسوا تابعين لشركة المناولة التي أغلقت، ولم يتم إدماجهم بعد في المؤسسات التي يعملون بها. وضعيتهم معلقة عمداً.”
وأضاف أن الإدارات المسؤولة تمتنع عن تسوية وضعياتهم، رغم أن القرار لا يتطلب أكثر من 24 ساعة، محملاً المسؤولية الكاملة للوزراء المعنيين ورئيسة الحكومة. “هذا تعطيل للبناء والتشييد وتعطيل لكل أشكال الاستثمار، لأن اليد العاملة هي عصب الاقتصاد.”