أخبار تونساخبار

إعترافات مدوية وبالتفاصيل عن الأطراف التي مولت ونفذت عمليات الحـ ــرق والتخريب في قابس

قابس، تونس – تشهد مدينة قابس حالة من التوتر الشديد والغضب الشعبي بعد سلسلة من الحوادث البيئية الخطيرة التي بلغت ذروتها في الأيام الأخيرة، مما أدى إلى احتجاجات واسعة تحول بعضها إلى أعمال شغب وتخريب. يأتي ذلك في ظل اتهامات للمجمع الكيميائي بالإهمال الجسيم وتجاهل الحكومات المتعاقبة لعقود من المعاناة البيئية التي يعيشها سكان المنطقة.

شرارة الأزمة: تسرب غاز الأمونياك السام

بدأت الأزمة الأخيرة مع تسرب غاز الأمونياك السام من وحدات المجمع الكيميائي، مما تسبب في حالات اختناق واسعة بين المواطنين، خاصة في المناطق السكنية القريبة من المجمع مثل شط السلام، غنوش، النحال، وشنني. وقد أدى هذا الحادث إلى تدفق عشرات، بل مئات المواطنين، بينهم أطفال وكبار في السن، على المستشفيات لتلقي العلاج.

الفيديو:

إعترافات مدوية وبالتفاصيل عن الأطراف التي مولت ونفذت عمليات الحـ ــرق والتخريب في قابس

هذا التسرب لم يكن حادثًا معزولًا، بل جاء ليفجر غضبًا مكتومًا لعقود طويلة من التلوث الذي دمر الواحات البحرية، وأثر على الثروة السمكية، وحول شواطئ المنطقة إلى مكب للنفايات الصناعية كالفوسفوجيبس.

تدخل رئاسي وتحميل للمسؤوليات

على إثر تفاقم الوضع، اجتمع رئيس الجمهورية قيس سعيّد بوزيرة الصناعة والطاقة والمناجم، فاطمة ثابت شيبوب، ووزير البيئة، الحبيب عبيد. وخلال الاجتماع، أكد الرئيس سعيّد أن “التجاوزات الخطيرة التي حدثت في المجمع الكيميائي هي نتيجة مباشرة لسنوات من الإهمال وعدم القيام بأعمال الصيانة اللازمة وعدم الاهتمام بالشروط الفنية”.

ووجه الرئيس أصابع الاتهام إلى المسؤولين في وزارتي الصناعة والبيئة الذين التزموا “الصمت المطبق” تجاه هذه الكارثة البيئية المستمرة منذ عهد بورقيبة مرورًا ببن علي ووصولًا إلى “عشرية الخراب”، حسب وصفه. كما أمر بتكوين لجنة مشتركة من الوزارتين للوقوف على الإخلالات وتحديد المسؤوليات بشكل دقيق ومحاسبة كل من يثبت تقصيره.

من الاحتجاج السلمي إلى أعمال التخريب

فيما كانت الاحتجاجات في محيط المجمع الكيميائي سلمية في بدايتها، حيث طالب السكان بحقهم في بيئة نظيفة وتطبيق القرارات السابقة مثل قرار حكومة يوسف الشاهد عام 2017 بتفكيك الوحدات الملوثة، إلا أن الأوضاع انزلقت نحو العنف.

وشهدت المدينة ليلة من الفوضى، حيث قام مجهولون بأعمال تخريب وحرق استهدفت مؤسسات عمومية وتربوية. وأظهرت المشاهد المصورة دمارًا كبيرًا لحق بإحدى الإدارات التابعة للمجمع الكيميائي، حيث تم إحراق الأرشيف بالكامل. كما طال التخريب معهد حي المنارة، مما أثار استياء الأهالي الذين أكدوا أن هذه الأعمال لا تمثلهم وأنها من فعل “أطراف مندسة” تهدف إلى “تأجيج الوضع” وتسييس القضية.

صوت الأهالي: بين المطالب المشروعة ورفض التخريب

عبر عدد من سكان قابس عن إدانتهم لأعمال الشغب، مؤكدين أن مطالبهم مشروعة وسلمية. وقال أحد المواطنين: “نحن نطالب بحقنا في الحياة، في هواء نظيف، لكننا نرفض حرق مدارس أبنائنا وتخريب ممتلكاتنا. من قاموا بهذا ليسوا منا”. وأضاف آخر: “هذه أيادٍ خفية تريد جر المنطقة إلى مربع العنف لتضييع حقنا المشروع. المسؤول الأول هو مدير المجمع الذي يجب أن يحاسب على هذا الإهمال”.

تبقى مدينة قابس اليوم بين مطرقة التلوث المزمن وسندان الاحتجاجات التي خرجت عن مسارها السلمي. وبينما ينتظر الأهالي نتائج التحقيقات التي أمر بها رئيس الجمهورية، يظل السؤال الأكبر مطروحًا: هل ستكون هذه المرة نهاية لمعاناة دامت أكثر من 50 عامًا، أم ستظل القرارات مجرد حبر على ورق كما حدث في الماضي؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى