أخبار تونساخبار

تسليم إبن أحد المسؤولين الفرنسيين حقل نفطي في تونس دون مقابل؟

تونس – أثار برنامج “بلا قناع” عاصفة من الجدل بعد كشفه عن مزاعم خطيرة تتعلق بوجود شبكة فساد منظمة تسيطر على ثروات تونس من النفط والغاز، متهمًا مسؤولين ووسطاء بتسهيل صفقات مشبوهة لجهات أجنبية على حساب المصلحة الوطنية.

خلال الحلقة، عرض مقدمو البرنامج ما وصفوه بـ “ملفات فساد موثقة” تدين مسؤولين حاليين وسابقين في الدولة، وتكشف عن آليات نهب ممنهج للثروة الوطنية، خصوصًا في قطاع الطاقة.

صفقة 2018 المشبوهة: حقول نفطية مقابل لا شيء؟

كانت أبرز الادعاءات التي تم الكشف عنها هي صفقة تمت في عام 2018، مُنحت بموجبها حقوق التنقيب والاستغلال في خمسة حقول نفطية بالقرب من صفاقس إلى ابن رئيس بلدية في إحدى ضواحي العاصمة الفرنسية باريس. ووفقًا للبرنامج، تمت هذه الصفقة “تحت الطاولة” وبدون أي مقابل مالي للدولة التونسية.

الفيديو:

تسليم إبن أحد المسؤولين الفرنسيين حقل نفطي في تونس دون مقابل؟

وأوضح أحد المتحدثين أن العملية تمت عبر وسطاء لديهم رخص تجارية (Patentes) مسجلة في باريس، مما يسهل عليهم تقاضي عمولاتهم بشكل قانوني في فرنسا بعيدًا عن الرقابة في تونس. وأشار إلى أن هذه الصفقة تمت في عهد وزير الصناعة والطاقة والمناجم آنذاك، سليم الفرياني، متسائلاً عن سبب عدم قيام المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية (ETAP) بممارسة حق الشفعة واسترجاع هذه الحقول الحيوية.

شركات أجنبية وتهرب ضريبي: “حاميها حراميها”

لم تقتصر الاتهامات على صفقة واحدة، بل امتدت لتشمل سلوك شركات أجنبية كبرى تعمل في تونس. وذكر البرنامج أن شركة “بريتيش غاز” (British Gas)، على سبيل المثال، عملت في تونس لسنوات دون أن تدفع “دينارًا واحدًا كضرائب”، معتبرًا أن الشركات الأجنبية “تنهب” ثروات تونس من الغاز والنفط دون حسيب أو رقيب.

وأكد مقدم البرنامج حيازته لوثائق تثبت هذه الادعاءات، مشيرًا إلى وجود حسابات بنكية للمتورطين في ملاذات ضريبية مثل جزر البهاما وقبرص، حيث يمتلك أحد المتورطين المزعومين 38 شركة مسجلة هناك.

من المليارات إلى “عشر نعاج”: قصة تكشف حجم الاستهتار

في شهادة صادمة أخرى، روى أحد الضيوف قصة لقاء جمعه بمسؤول كبير في وزارة الصناعة خلال عامي 2012-2013، حيث قدم له عرضًا استثماريًا من بنك فرنسي بقيمة 1.8 مليار دولار لإنشاء مصفاة نفط في الصخيرة. ولكن بدلًا من مناقشة العرض الضخم، فاجأه المسؤول بطلب غريب، قائلاً إنه يحتاج إلى “عشر نعاج” وكيف يمكن تسديد ثمنها.

هذه الحادثة، كما وصفها الضيف، تجسد مستوى الاستهتار والفساد الصغير الذي يعطل مشاريع استراتيجية كبرى كان من الممكن أن تعود بالنفع على الاقتصاد التونسي.

مقارنات وخلفيات دولية

لم يخلُ النقاش من مقارنات دولية؛ فقد تمت الإشارة إلى تجربة دبي في السبعينيات وكيف ساعدها الرئيس الجزائري الراحل هواري بومدين بإرسال خبراء من شركة “سوناطراك” لتأسيس قطاعها النفطي، مما أدى إلى شراكات ناجحة (50/50) مع الشركات العالمية.

كما تم تسليط الضوء على الخلفية الدولية لبعض المسؤولين، حيث ذكر أحد الضيوف أن الوزير السابق سليم الفرياني يحمل الجنسية البريطانية، وأنه كان متورطًا في إنشاء صندوق سيادي في جيبوتي انتهى باختفاء أمواله، مما يثير تساؤلات حول نمط سلوكه في إدارة الملفات المالية الحساسة.

وفي الختام، ترك برنامج “بلا قناع” المشاهدين أمام صورة قاتمة لقطاع الطاقة في تونس، الذي يبدو، وفقًا للبرنامج، أنه وقع فريسة لشبكات منظمة تستنزف ثروات البلاد، وسط غياب شبه تام للرقابة والمحاسبة من قبل مؤسسات الدولة المعنية. وتبقى هذه الادعاءات في انتظار تحقيق قضائي يكشف حقيقة ما يجري في كواليس إدارة الثروة الوطنية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى