رفع شكاية جزائية في الشركة التونسية للبنك من اجل تقدم قروض هامة بدون ضمانات

تونس – وات في تصريحات قوية سلطت الضوء على تحديات المالية العمومية في تونس، كشفت النائبة بمجلس نواب الشعب، فاطمة المسدّي، عن وجود ملفات قروض متعثرة منحتها الشركة التونسية للبنك دون ضمانات كافية، مؤكدةً أنها تقدمت بشكاية جزائية في هذا الشأن منذ أشهر، إلا أن التحقيق لم يشهد أي تقدم يذكر.
وأعربت المسدّي، في تصريح لوكالة تونس إفريقيا للأنباء “وات”، عن استغرابها الشديد من تجميد 149 ملفًا يتعلق بهذه القروض، خاصة في وقت تسعى فيه الدولة جاهدة لاسترجاع الأموال المنهوبة وإحكام السيطرة على مواردها. وأوضحت أن قيمة هذه القروض، وفقًا لتقرير محكمة المحاسبات، تتجاوز 1.3 مليار دينار، مشيرة إلى أن حسم هذه الملفات من شأنه أن يساهم في إنعاش خزينة الدولة بشكل ملموس.
تحديات مالية متزايدة
وربطت المسدّي بين هذه القضية والتحديات الكبرى التي تواجهها تونس، وعلى رأسها التحكم في المالية العمومية، ودفع مسار الصلح الجزائي، واسترجاع الأموال المنهوبة من الداخل والخارج.
وفي سياق متصل، انتقدت النائبة المفارقة بين سعي الدولة لتكريس دورها الاجتماعي من خلال قوانين المالية، والارتفاع القياسي في العبء الجبائي على المواطنين والمؤسسات. وأشارت إلى أن العائدات الجبائية تطورت بنسبة 9.7% لتناهز 41.7 مليار دينار، وهو ما يمثل أكثر من نصف ميزانية الدولة.
قروض متعثرة وشبح الإفلات من العقاب
يسلط هذا الملف الضوء على إشكالية أعمق تتمثل في تعثر مسار الصلح الجزائي، حيث تقدر الأموال المنهوبة من البنوك العمومية في شكل قروض معدومة وبلا ضمانات بنحو 6.9 مليار دينار، وفقًا لمعطيات هيئة السوق المالية.
وتحتل الشركة التونسية للبنك النصيب الأكبر من هذه القروض، إذ تقدر الديون المتعثرة التي بات استرجاعها شبه مستحيل داخلها بنحو 3.1 مليار دينار، وهو رقم ضخم يمثل 58.2% من الميزانية المخصصة لتجهيز هياكل الدولة.
فائض في الميزانية ومعاناة على أرض الواقع
كما انتقدت المسدّي الحديث عن تحقيق فائض في ميزانية الدولة يناهز ملياري دينار بحلول مارس 2025، في حين يعاني الواقع الاقتصادي من أزمات حادة. وقالت إن هذا “الفائض” يتزامن مع عدم خلاص أجور عدد من المقاولين، واستمرار ضعف المرافق العامة، وتدهور القدرة الشرائية للمواطن، إضافة إلى نقص بعض المواد الأساسية في الأسواق.
واختتمت المسدّي بالتأكيد على أن “سوء التصرف في المال العام، والترفيع في الجباية، وامتناع النظام المالي عن تمويل المرفق العام” هي أكبر التحديات التي تعترض مسار البناء الجديد. وشددت على أن المرحلة الحالية لا تحتاج فقط إلى “ثورة تشريعية”، بل تتطلب بشكل أساسي ضخ الأموال لخدمة الشعب وتنمية المرافق العامة بدلًا من تركها تتبخر في قروض مشبوهة.