أكبر و أغرب قضية تحيل في تاريخ تونس..رئيس حكومة سابق أستولى على أبار نفطية ووزاء تستروا عليه

في حوار حصري لبرنامج “بلا قناع”، كشف الناشط السياسي معز الحاج منصور عن تفاصيل صادمة تتعلق بملف فساد ضخم في قطاع النفط والغاز بتونس، واصفًا إياه بأنه “ملف خطير جدًا يمس حتى الأمن القومي التونسي”. واتهم الحاج منصور شخصيات نافذة، من بينها الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي وأفراد من عائلته، بالسطو على حقل نفطي ضخم عبر “التدليس والتزوير”، داعيًا السلطات الحالية إلى فتح تحقيق جدي واسترجاع ثروات الشعب المنهوبة.
أصل الحكاية: حقل نفطي بصك عائلي
بدأ الحاج منصور حديثه بالإشارة إلى أن القضية معروفة لدى متابعي الشأن العام، وتتمحور حول “حقل بترول ضخم يقع جنوب تطاوين على مساحة تقارب 375 كيلومترًا مربعًا”. وأوضح أن هذا الحقل، الذي لم يكن مستغلًا حتى عام 2011، كان في الأصل مملوكًا لسليم شيبوب، صهر الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، بالشراكة مع شركة “فوياجور أنداركو”.
الفيديو:
أكبر و أغرب قضية تحيل في تاريخ تونس..رئيس سابق للدولة أستولى على أبار نفطية ووزاء تستروا عليه
وأضاف الناشط السياسي: “حين فرّ سليم شيبوب إلى الإمارات بعد الثورة، قام الباجي قائد السبسي، الذي كان حينها رئيسًا للحكومة، وشقيقه المحامي، بتدليس ملكية هذا الحقل، وتمت إحالته إلى ملكية عائلة السبسي سنة 2011”. وأكد الحاج منصور أن عملية البيع المزعومة بقيمة 60 مليون دولار كانت صورية، وأن المبلغ “لم يدخل أبدًا خزينة الدولة التونسية”، ما يعني أن العائلة “استولت عليه بالمجان”.
قضاء تحت الطلب ومحاولة لطمس الحقائق
لم يتوقف الأمر عند عملية السطو المزعومة، بل امتد، بحسب الحاج منصور، إلى محاولات ممنهجة لطمس الملف قضائيًا. وذكر أنه “حين أثير هذا الملف، أصبح الباجي قائد السبسي رئيسًا لحزب نداء تونس ثم رئيسًا للجمهورية، فقُبر هذا الملف تمامًا”. وكشف أن أحد قضاة التحقيق قام بحفظ القضية في عهد السبسي، كما تورط عدد من الوزراء في التوقيع على اتفاقيات مخالفة للإجراءات سهلت عملية نقل الملكية.
ورغم تقديم “مرصد الشفافية والحوكمة” شكاية جديدة بعد 25 جويلية 2021 لإعادة فتح التحقيق، انتقد الحاج منصور تعامل النيابة العمومية مع الملف، قائلًا: “الغريب في الأمر أن النيابة العمومية أحالت هذا الملف الضخم والمعقد إلى مركز أمن بالمنصف باي، وهو مركز غير مؤهل للبحث في قضايا بهذه الخطورة المالية والتقنية، مما يثير شكوكًا حول وجود نية لدفن الملف مجددًا”.
ثروات منهوبة وشعب جائع
ربط الحاج منصور هذا الملف بالخطاب الرسمي الذي طالما روّج لمقولة “تونس ليس لديها بترول”، معتبرًا إياها كذبة لتغطية عمليات النهب المنظم. وأكد أن “كل ولايات تونس من شمالها إلى جنوبها، وكل بحرها، تزخر بالنفط والغاز”، لكن هذه الثروات تذهب لشركات أجنبية بعقود مجحفة، من بينها شركة “إيني” الإيطالية وشركة OMV النمساوية.
وانتقد الحاج منصور بشدة تحويل مناطق حقول النفط في الجنوب إلى “مناطق عسكرية مغلقة” يُمنع على المواطنين التونسيين دخولها إلا بترخيص، بينما تعمل فيها الشركات الأجنبية بحرية تامة، ليتحول الجيش التونسي، على حد قوله، إلى “حارس لمصالح هذه الشركات النهابة”.
وأضاف متسائلًا: “كيف لشركة مثل ETAP (المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية) أن تكون خاسرة وديونها بالمليارات، بينما موظفوها يصبحون أثرياء ويغادرون للعمل في نفس الشركات الأجنبية التي وقعوا لها عقود الامتياز؟”.
دعوة للرئيس.. وسيادة منقوصة
في ختام حديثه، وجه معز الحاج منصور نداءً مباشرًا إلى رئيس الجمهورية قيس سعيد، مؤكدًا أنه الوحيد القادر على فتح هذا الملف الشائك نظرًا للدعم الشعبي الذي يحظى به. وقال: “إذا أراد الرئيس قيس سعيد أن يخلّد اسمه في التاريخ، فعليه اتخاذ قرار تاريخي بتأميم ثرواتنا أو على الأقل مراجعة كل العقود المجحفة”.
وشدد على أن الخطوة الأولى تبدأ بتطهير “طاقم الخونة” في وزارة الصناعة والطاقة والمناجم وشركة ETAP، والاستعانة بالخبرات الوطنية أو الشقيقة، مثل شركة “سوناطراك” الجزائرية، لتأسيس شركة تنقيب وإنتاج وطنية حقيقية.
يبقى ملف المحروقات في تونس أحد أكثر الملفات غموضًا وحساسية، ويكشف عن شبكة معقدة من المصالح والفساد الذي استنزف موارد البلاد لعقود، بينما ينتظر الشعب التونسي أن ترفع الأقنعة عن ناهبي ثرواته، وأن تعود السيادة الوطنية كاملة على أرضه وبحره وسمائه.