بعد فتح تحقيق قضائي في صفقة فساد مشبوهة في الوكالة الوطنية للتبغ والوقيد اندلاع حريق ضخم في مخزن ذا حساسية خاصة… وكاميرات المراقبة لا تعمل….

تونس – اندلع حريق ضخم في أحد مخازن الوكالة الوطنية للتبغ والوقيد يوم الأحد الماضي، مخلّفاً خسائر مادية فادحة تُقدّر بمليارات الدنانير، ومثيراً عاصفة من التساؤلات حول وجود إهمال جسيم أو حتى أيادٍ خفية تقف وراء الحادثة التي وصفت بـ”الكارثة الوطنية”.
في حلقة تلفزيونية تناولت الواقعة، وجه الإعلامي مقدم البرنامج نداءً مباشراً للسلطات، وعلى رأسها رئيس الجمهورية، للمطالبة بفتح تحقيق عاجل وشفاف لكشف ملابسات الحريق وتحديد المسؤوليات. وأكد الإعلامي على أن الدفاع عن المؤسسات الوطنية يتطلب محاسبة المسؤولين عن هذا التدهور، قائلاً: “نطالب بفتح الملفات، ونتحمل مسؤولية كل كلمة ننطقها، فتحملوا أنتم المسؤولية اليوم”.
الفيديو :
حــ ـرائق لطمس الجرائم..أين وصلت التحقيقات في الحرائق المفتعلة من أين بدأت النـ ــار..من وراءها؟
شبهات حول “الأرض المحروقة”
لم يكن الحريق مجرد حادث عابر، بل جاء ليطال مخزناً ذا حساسية خاصة، حيث كان يحتوي، بحسب ضيف البرنامج حاتم الزياتي، وهو أحد أبناء الوكالة، على نوعين من التبغ: كميات جديدة مخصصة للإنتاج الحالي، وكميات أخرى “منتهية الصلاحية” كانت محور تحقيق قضائي في صفقة فساد مشبوهة. هذا التقاطع المريب بين الحريق وملف الفساد دفع بالكثيرين إلى التساؤل عما إذا كانت العملية مدبرة بهدف “حرق الأدلة” وتطبيق سياسة “الأرض المحروقة”.
تأخر غامض في الاستجابة وكاميرات لا تعمل
من أبرز النقاط التي أثارت الشكوك هو التأخير الكبير في وصول فرق الحماية المدنية إلى موقع الحادث. فقد أكد شهود عيان من جيران المصنع، نقلاً عن السيد الزياتي، أن الحريق بدأ في حدود الساعة العاشرة صباحاً، بينما لم تصل أولى سيارات الإطفاء إلا بعد مرور حوالي ساعتين، وهو وقت كافٍ لتلتهم النيران جزءاً كبيراً من المخزن.
وأضاف الزياتي أن ما يزيد الأمر تعقيداً هو الحديث عن تعطل أنظمة المراقبة، متسائلاً عن مصير تسجيلات كاميرات المراقبة وأجهزة إنذار الحريق التي من المفترض أن تكون خط الدفاع الأول في مؤسسة بهذا الحجم. وقال: “أقل ما يمكن وصف ما حدث به هو الإهمال. هذه مصيبة كبرى حلت بالوكالة وعمالها”.
خسائر بالمليارات ومستقبل غامض
تُعد الخسائر المادية فادحة، حيث أشار الضيف إلى أن المخزون المحترق يتكون من حوالي 71 “طرحة”، وكل طرحة تزن 5 أطنان، وبقيمة تقارب 100 مليون دينار للطرحة الواحدة، مما يضع التقديرات الأولية للخسائر في حدود 4 مليارات دينار أو أكثر من المواد الأولية وحدها، دون احتساب الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية وتوقف عجلة الإنتاج.
هذا الحادث لا يمثل خسارة مالية للدولة فقط، بل يهدد أيضاً مستقبل مئات العمال الذين يعتمدون على هذه المؤسسة الوطنية كمصدر رزق لهم، ويضع الوكالة في وضع حرج قد يؤثر على قدرتها على تزويد السوق المحلية.