إلقاء القبض على شخصيات نافذة متورطة في الاستيلاء على مئات المليارات وايداعها السـ ـجن

كشف نقاش تلفزيوني ساخن عن تفاصيل جديدة ومقلقة حول ملف فساد مالي ضخم يتعلق بالبنوك العمومية وذات المساهمات العمومية في تونس، حيث تم تسليط الضوء على كيفية إهدار آلاف المليارات من أموال الشعب عبر قروض مُنحت دون ضمانات حقيقية لرجال أعمال وشخصيات نافذة، مما أدى إلى نهب ممنهج للمال العام وتعميق الأزمة الاقتصادية في البلاد.
استهل مقدم البرنامج حلقته بالإشارة إلى “آلاف المليارات المهدورة”، مؤكداً أن هذه الأموال لم تتبخر، بل أصبحت في “جيوب الكبارات” عبر منظومة محاباة وفساد. وأشار إلى أن النقاش سيكشف عن قضية محددة تم فيها منح قرض بقيمة 120 مليار دينار تونسي لرجل أعمال مقابل ضمانات وهمية، حيث قام بإنشاء “كراج خياطة” ثم اختفى بالأموال دون سداد.
الفيديو:
ليلة الرعـ ـب في تونس..ايقاف شخصيات نافذة مورطة في الاستيلاء على مئات المليارات وايداعها السـ ـجن
البنوك ذات المساهمات العمومية: أداة للتنمية أم للنهب؟
أوضح أحد المحللين أن القضية تتعلق بـ “البنوك ذات المساهمات العمومية”، وهي البنوك التي تساهم فيها الدولة التونسية بحصة تفوق 50% من رأس مالها، بالشراكة مع مساهمين من دول أخرى مثل البنك التونسي السعودي، والتونسي الليبي، والتونسي الكويتي. وأكد المحلل أن هذه المؤسسات، التي كان من المفترض أن تكون رافعة للاقتصاد، تحولت إلى بؤر للفساد والنهب، خاصة خلال “عشرية الخراب”، حيث فشلت في تحقيق أهدافها التنموية وأصبحت وسيلة لخدمة مصالح ضيقة.
وأضاف أن هذه البنوك أصبحت تعاني من عجز مالي كبير، وأن الدولة تضخ فيها أموالاً من الخزينة العامة لإنقاذها، بدلاً من محاسبة المسؤولين عن إفلاسها. وأشار إلى أن الشركاء الأجانب يطالبون بإصلاحات هيكلية كشرط لمواصلة ضخ الأموال، لكن هذه الإصلاحات تتعطل بسبب وجود أطراف مستفيدة من الوضع القائم.
قضية “صندوق الودائع والأمانات”: 28 متهماً وشركات كبرى
كشفت مداخلات أخرى عن فتح تحقيق قضائي رسمي في ملف فساد كبير يتعلق بـ صندوق الودائع والأمانات (CDC)، حيث تم توجيه تهم لـ 28 شخصية و18 شركة كبرى. وتضمنت التهم “اعتياد غسل الأموال من قبل وفاق باستغلال التسهيلات التي خولتها خصائص الوظيف” و”تعمد موظف عمومي استغلال صفته لإلحاق الضرر بالإدارة واستخلاص فائدة لا وجه لها”.
وفي هذا السياق، صدرت بطاقة إيداع بالسجن بحق بثينة بن يغلان، المديرة العامة السابقة للصندوق والنائبة السابقة عن حزب النهضة بمجلس نواب الشعب 2014، بالإضافة إلى مسؤولين سابقين آخرين في الصندوق. كما كشف النقاش أن الصندوق قام بتمويل مؤسسات إعلامية ومواقع صحفية ومنحها أموالاً طائلة دون موجب، مما يثير تساؤلات حول طبيعة هذه الصفقات وأهدافها.
مسؤولية سياسية وقضائية غائبة
حمّل المتحدثون المسؤولية المباشرة لوزارة المالية والبنك المركزي عن غياب الرقابة والمحاسبة، مما سمح باستفحال الفساد. وأشار أحدهم إلى أن “وزارة المالية، بهيئاتها الرقابية والشرطة الجبائية، لم تتخذ أي إجراءات حقيقية” لوقف هذا النزيف.
كما تم التذكير بملف البنك الفرنسي التونسي الذي أُعلن إفلاسه، وملف رجل أعمال حصل على قرض بقيمة 240 مليار دينار من بنك عمومي بصفته “عامل يومي”، بالإضافة إلى قانون أقره مجلس النواب في 2015 يقضي بدفع 1300 مليار دينار من أموال الشعب لتغطية عجز البنوك العمومية.
وفي ختام النقاش، وجه المحللون نداءً إلى رئيس الجمهورية قيس سعيد ليتولى شخصياً الإشراف على ملف الصلح الجزائي وملف صندوق الودائع والأمانات، مؤكدين أن الجهات الحالية، بما فيها وزارة المالية ووزارة العدل ولجنة الصلح الجزائي، تعطل استرجاع الأموال المنهوبة. وطالبوا بضرورة محاسبة كل من تورط في نهب أموال الدولة، ووضع حد لثقافة الإفلات من العقاب التي كلفت تونس آلاف المليارات وأدخلتها في دوامة من الأزمات المتلاحقة.