أخبار تونساخبار

فســاد مرعب شركة أجنبية تستولي على بترول تونس مجانا بعقود كلها ثغرات

تونس – في انتصار قانوني كبير، نجحت الدولة التونسية في كسب قضية تحكيم دولية ضد شركة “زينيت” الإيطالية، متجنبة بذلك دفع تعويضات كانت قد تصل إلى 400 مليار مليم تونسي. وجاء هذا الحكم ليكشف عن تفاصيل عملية احتيال معقدة للاستيلاء على حصص في حقل “سيدي الكيلاني” النفطي، ويجدد الدعوات الملحة لفتح ملفات الفساد المتجذرة في قطاع الطاقة والمؤسسات الحكومية ذات الصلة.

خلال حوار تلفزيوني، أشاد محللون بهذا الحكم، معتبرين إياه لحظة تاريخية تُظهر تحرر المكلف العام بنزاعات الدولة وقدرته على ملاحقة الملفات الشائكة التي تسببت في “نهب غير مسبوق” لثروات البلاد، حسب وصف أحد المتحدثين. وأشار إلى أن هذه القضية هي نتاج دعوات متكررة لفتح تحقيقات حول ثروات كبار الموظفين في الوزارات الحساسة تحت مبدأ “من أين لك هذا؟”.

تفاصيل القضية وانتصار الدولة التونسية

وفقًا لأحد الصحفيين المشاركين في الحوار، أصدرت هيئة تحكيمية قرارها في 15 جويلية لصالح الدولة التونسية ضد شركة “زينيت” الإيطالية. وأوضح أن القضية تتعلق بمحاولة الشركة الإيطالية الاستحواذ على حصص شركة صينية في حقل “سيدي الكيلاني” النفطي بطرق ملتوية.

الفيديو:

فســاد مرعب شركة أجنبية تستولي على بترول تونس مجانا بعقود كلها ثغرات..تواطئ داخلى مع مافيا دولية

وكشف الصحفي أن عملية الاستحواذ تمت من خلال شركة كندية واجهة (Canadian North Africa Oil and Gas Limited) لا يتجاوز رأسمالها “باوند واحد فقط”، وهو ما يوضح حجم التحايل الذي مورس على الدولة التونسية. وبعد استحواذها، طالبت الشركة بالسماح لها بتصدير النفط والغاز، وهو ما رفضته السلطات التونسية، مما دفع الشركة إلى اللجوء للتحكيم الدولي ومطالبة تونس بتعويضات ضخمة.

اتهامات بالفساد تطال وزارة الطاقة وشركة “إيتاب”

لم يقتصر النقاش على الانتصار القانوني، بل تطرق بعمق إلى الجذور الداخلية التي سمحت بحدوث هذا الاختراق. ووجه الصحفي اتهامات مباشرة لوزارة الصناعة والطاقة والمناجم، واصفًا إياها بأنها “إحدى أكبر بؤر الفساد منذ 60 عامًا”.

كما سلط الضوء بشكل خاص على المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية (ETAP)، مؤكدًا أن الشركة الإيطالية لم تكن لتتمكن من تنفيذ مخططها “لولا الفساد المستشري” داخل هذه المؤسسة الحكومية. وأثار تساؤلات حول الوضع المالي لـ “إيتاب” التي، رغم عملها في قطاع النفط والغاز المربح منذ عقود، تعاني اليوم من الإفلاس وتراكم ديون تتجاوز 1500 مليار مليم.

وفي مفارقة صارخة، أشار إلى أن جميع موظفي “إيتاب” السابقين، من أصغرهم إلى كبار المسؤولين، “خرجوا من كبار الأثرياء” وانتقلوا للعمل في شركات خاصة بعد تقاعدهم، بينما غرقت المؤسسة التي كانوا يديرونها في الديون.

دعوات لمحاسبة شاملة وتغيير جذري

أجمع المشاركون على أن هذا الانتصار، رغم أهميته، لا ينبغي أن يكون نهاية المطاف. وشددوا على ضرورة فتح تحقيق معمق مع جميع المسؤولين في وزارة الطاقة و”إيتاب” الذين سمحوا بتمرير هذه الصفقات المشبوهة ومددوا عقود الشركة حتى عام 2047.

وطالب مقدم البرنامج السلطات الرقابية بفتح تحقيقات شاملة لا تقتصر على تونس فقط، بل تمتد لتتبع الأصول المالية والحسابات المصرفية لهؤلاء المسؤولين وأبنائهم في أوروبا، حيث يُعتقد أنهم كانوا يتقاضون عمولاتهم.

يمثل هذا الحكم نقطة تحول محتملة في تعامل الدولة التونسية مع ملفات الفساد الكبرى، خاصة في قطاع الطاقة الاستراتيجي. لكن يبقى التحدي الأكبر في تحويل هذا الانتصار القانوني إلى حملة محاسبة حقيقية تقتلع جذور الفساد وتحمي ثروات البلاد من النهب المنظم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى