وزارة العدل تفتح تحقيقات هامة في حق 18 مؤسسة و 28 شخص…

تونس – في حلقة نقاشية ساخنة، كشف محللون وإعلاميون عن تفاصيل صادمة حول ما وصفوه بـ “نهب ممنهج ومنظم” لأموال الشعب التونسي عبر “صندوق الودائع والأمانات” (CDC)، الذي تم تأسيسه بعد ثورة 2011. وطالب المتحدثون رئيس الجمهورية بالتدخل الفوري لفتح هذا الملف الخطير الذي يتضمن قروضاً بمليارات الدينارات مُنحت دون ضمانات كافية، مما يهدد الاقتصاد الوطني برمته.
من أداة للتنمية إلى “كنوز علي بابا”
أوضح الإعلامي الذي افتتح النقاش أن “صندوق الودائع والأمانات” أُنشئ بعد عام 2011 بهدف إدارة أموال الدولة، بما في ذلك مدخرات المواطنين في البريد، واستثمارها لدفع عجلة الاقتصاد. إلا أن هذا الهدف النبيل، حسب قوله، تحول إلى غطاء لعمليات فساد كبرى، حيث صرّح قائلاً: “الغرض كان السطو على كنوز علي بابا”. وأشار إلى أن هذه الأموال، التي هي ملك للشعب، تم تمكين رجال أعمال من الاستيلاء عليها “بدم بارد” عبر قروض ضخمة دون تقديم ضمانات حقيقية.
قضايا صادمة وأرقام فلكية
تم تسليط الضوء على حالات محددة تكشف حجم التجاوزات داخل الصندوق والبنوك العمومية المرتبطة به. ومن أبرز ما تم الكشف عنه:
-
قرض الـ 300 مليار: وثيقة تثبت حصول شخص واحد على مبلغ 300 مليار دينار كدفعة واحدة من الصندوق، في قضية لا تزال تفاصيلها غامضة ولم يتم التحقيق فيها بشكل كامل.
-
قضية “العامل اليومي”: تم الكشف عن قضية غريبة لرجل مصنّف كـ “عامل يومي” حصل على قرض بقيمة 240 مليار دينار من بنك عمومي. والأخطر من ذلك، أن البنك كان يضيف سنوياً مليار دينار كـ “أجيو” (فوائد وعمولات) على القرض المتعثر بدلاً من ملاحقة المقترض.
-
إنقاذ بنك خاص بأموال عامة: تم تحويل أموال من “صندوق الودائع والأمانات” لدعم بنك خاص يعاني من خسائر مالية، مما يُعد مخاطرة غير محسوبة بأموال المودعين والدولة.
الفيديو:
وزارة العدل تفجر صدمة وتفتح تحقيقات في أكبر ملف فساد مالي بصندوق الودائع والأمانات ضد28متهم و18مؤسسة
تحقيق “أبتر” وتستر على المتورطين
أثار المتحدثون شكوكاً حول نزاهة التحقيقات الجارية، واصفين إياها بأنها فُتحت “بشكل أبتر”، أي أنها تركز على قضية رجل أعمال واحد فقط، بينما يتم التغاضي عن شبكة واسعة من المتورطين. وأكد أحدهم: “الملف فُتح بشكل أبتر، ننظر فيه من زاوية واحدة… هناك جهة قوية غطت عليه”. هذا الانتقاء في المحاسبة، حسب رأيهم، يهدف إلى حماية الأسماء الكبيرة التي استفادت من هذه المنظومة.
دعوات لإلغاء الصندوق ومحاسبة شاملة
خلص المتحدثون إلى أن “صندوق الودائع والأمانات” قد فشل فشلاً ذريعاً في تحقيق أهدافه وأصبح عبئاً على الدولة وبوابة للفساد. وطالبوا رئيس الجمهورية باتخاذ إجراءات حاسمة، من بينها:
-
إخضاع الصندوق لرقابة شاملة: يجب محاسبة جميع المسؤولين الذين تعاقبوا على إدارة الصندوق منذ تأسيسه.
-
إلغاء المؤسسة: نظراً لفشلها في إنجاز أي مشروع تنموي حقيقي، دعا المتحدثون إلى حل الصندوق وإعادة هيكلة إدارة أموال الدولة.
-
إدراج الملف ضمن الصلح الجزائي: يجب أن يكون ملف الصندوق على رأس أولويات لجنة الصلح الجزائي لاسترجاع الأموال المنهوبة.
وفي ختام النقاش، شدد أحد المحللين على أن ما حدث ليس مجرد “تلاعب”، وهي كلمة “مُهذبة” حسب وصفه، بل هو “عمليات نهب ممنهج” بدأت في “عشرية الخراب” واستمرت حتى اليوم، مما يستدعي وقفة حازمة من أعلى سلطة في الدولة لوضع حد لنزيف المال العام ومحاسبة كل من تورط في هذه الجريمة الاقتصادية.