محامي تونسي يخرج عن صمته ويكشف تفاصيل هامة عن التمويلات الأجنبية للجمعيات و المنضمات التونسية

في حوار حصري لبرنامج “بلا قناع”، سلط المحامي وليد العمري الضوء على الجدل الدائر حول تمويل الجمعيات في تونس، معتبراً أن المرسوم عدد 88 لسنة 2011 المتعلق بتنظيم الجمعيات كان بمثابة “لغم كبير” يهدف إلى تفجير البلاد من الداخل.
تاريخ مضطرب لقانون الجمعيات
أوضح العمري أن قانون الجمعيات في تونس مر بمراحل متعددة، بدءاً من قانون 1959 مروراً بتعديلات أعوام 1988، 1990، 1992 وصولاً إلى مرسوم 2011 الذي جاء في أعقاب الثورة. ويرى العمري أن هذا المرسوم، الذي أرسى نظام التصريح بدلاً من الترخيص، لم يكن ثورياً كما كان مأمولاً، بل على العكس، فتح الباب على مصراعيه أمام التدخلات الخارجية والتفريط في السيادة الوطنية.
التمويل الأجنبي: بوابة للتدخل
قبل عام 2011، كان التمويل الأجنبي للجمعيات يخضع لرقابة صارمة قبلية وبعدية من قبل أجهزة الدولة كوزارة الداخلية والمالية، وكان مرتبطاً بشكل وثيق بالسيادة الوطنية وأمن البلاد. ويؤكد العمري أن الحصول على تمويل أجنبي كان شبه محجور، ويتطلب موافقات من جهات عليا.
الفيديو:
أما بعد صدور مرسوم 2011، فقد تغير الوضع جذرياً. أصبح التمويل الأجنبي مباحاً للجمعيات من الدول التي تربطها بتونس علاقات دبلوماسية، وهو ما يعني عملياً الانفتاح على العالم أجمع. ويحذر العمري من أن هذا الانفتاح غير المقيد جعل من الجمعيات “خلايا نائمة للغرب” و”أيادي خارجية في الداخل”، تعمل على تنفيذ أجندات لا تخدم بالضرورة المصلحة الوطنية.
ثغرات قانونية ومخاطر على السيادة
يرى الأستاذ العمري أن مرسوم 2011 مليء بالثغرات، حيث تم وضعه في مرحلة “ثورية” لتنفيذ أجندة ما يسمى بـ “الثورة”، مما أدى إلى التفريط في السيادة الوطنية بطريقة “غريبة وعجيبة”. ويشير إلى أن المرسوم فتح الباب أمام “إسهال جمعياتي غير عادي”، حيث وصل عدد الجمعيات إلى ما يقارب 23 ألف جمعية.
ويضيف أن هذه الجمعيات، التي يفترض أن تكون ذات طابع تطوعي، تحولت في كثير من الأحيان إلى أدوات سياسية وتعمل على تحقيق أهداف إيديولوجية وعرقية، مما يهدد بتفتيت المجتمع وإثارة النعرات الطائفية والجهوية.
نحو مراجعة شاملة
في ظل هذه المخاطر، شدد العمري على ضرورة مراجعة مرسوم الجمعيات لسد الثغرات القانونية وإعادة فرض الرقابة اللازمة على مصادر تمويل الجمعيات وأنشطتها. وأشار إلى أن التعليق الأخير لنشاط عدد من الجمعيات والمنظمات، مثل الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، هو مجرد بداية.
ويؤكد أن المحاسبة يجب أن تشمل جميع الجمعيات التي يثبت تورطها في أنشطة مخالفة للقانون وتمس من أمن البلاد واستقرارها. ودعا مجلس النواب إلى تحمل مسؤوليته التشريعية والإسراع في تنقيح المرسوم عدد 88 لسنة 2011، مؤكداً أن “ما لا يصلح لا يمكن إصلاحه”، وأن الوقت قد حان لوقف نشاط العديد من الجمعيات التي تخالف القانون ومحاسبة مؤسسيها.