أخبار تونساخبار

سهام بن سدرين: هيئة الحقيقة والكرامة كشفت وثائق حول استفادة أكثر من 60 رجل أعمال من قروض دون ضمانات، وطالبت بإحالة هؤلاء إلى القضاء

كشفت سهام بن سدرين، الرئيسة السابقة لهيئة الحقيقة والكرامة (هيئة دستورية عملت بين 2013 إلى 2018 على التحقيق في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وتحقيق العدالة الانتقالية)، في حوار  للمنصة الإلكترونية “لو بون دو جنيف”، يوم السبت 28 جوان/يونيو 2025، أن فشل مسار العدالة الانتقالية في تونس يعود أساسًا إلى الحكومات المتعاقبة التي رفضت تنفيذ توصيات الهيئة، متهمة في الوقت ذاته ما أسمته بـ”الدولة العميقة” بالوقوف وراء تعطيل الإصلاحات وإفشال التجربة، وفق تعبيرها.

وفي حوارها، أوضحت بن سدرين أن القانون حدّد للهيئة أربع مهام رئيسية، أدّتها جميعها، وهي: كشف الحقيقة، تحديد المسؤوليات، جبر ضرر الضحايا، وتقديم توصيات لمنع تكرار الانتهاكات. وشددت على أن الهيئة أدّت واجبها بخصوص كل هذه المحاور، بينما تخلّت الحكومات عن مسؤولياتها، رافضة تنفيذ قرارات جبر الضرر وتوصيات الإصلاح، وفق قولها.

وقالت بن سدرين:” هناك خلط تم الترويج له بين فشل الهيئة وفشل الدولة وما أوقف المسار هو تحالف سياسي مقدّس بين حركة النهضة ونداء تونس”، واصفة هذا التحالف بأنه “أجهض الثورة وأعاد الدولة إلى مربع الاستبداد”، من خلال تعطيل المؤسسات ومصادرة عمل الهيئات المستقلة، على غرار هيئة مكافحة الفساد وهيئة البيئة، وفق ما صرحت به.

بن سدرين: ماكينة الاستبداد تلتهم الجميع

حذّرت بن سدرين في حوارها مع “لو بون دو جنيف” من أن غياب المحاسبة وتنفيذ العدالة الانتقالية سيؤدي حتمًا إلى تكرار الانتهاكات، معتبرة أن بعض الفاعلين السياسيين يعتقدون أن ماكينة الاستبداد لا تطال سوى خصومهم، في حين أن التاريخ أثبت أن هذه الآلة، “حين تجوع، تلتهم الجميع”، وفق وصفها.

وتابعت: “المجتمع بكامله يدفع اليوم ثمن الفشل في تحقيق العدالة، والضحايا لم يحصلوا على حقوقهم، بل أصبحوا متّهمين زورًا بالحصول على تعويضات لم تصرف أصلًا”

وأوضحت أن الهيئة تلقت حوالي 65 ألف شكوى، لكن تم اعتماد قرارات جبر ضرر لحوالي 30 ألف ضحية فقط، أي نصف العدد. “ثلث الضحايا فقط ينتمون للعائلة الإسلامية، أما البقية فهم من مختلف الأطياف السياسية والاجتماعية، من نقابيين ويساريين وقوميين ويوسفيين، وضحايا أحداث الخبز”، تقول بن سدرين، مؤكدة أن “الادعاء بأن الهيئة مارست المحاباة هو مجرّد تضليل إعلامي”.

“ملف البنك الفرنسي التونسي يجمع كل أوجه الفساد”

وفي ما يخص قضية البنك الفرنسي التونسي (BFT)، وصفت بن سدرين هذا الملف بأنه نموذج صارخ لفساد ممنهج تقوده شبكات نافذة داخل الدولة وأن هذا الملف “يجمع كل أوجه الفساد” وفقها.

وأكدت أن الهيئة كشفت وثائق وتفاصيل دقيقة حول استفادة أكثر من 60 رجل أعمال من قروض دون ضمانات، وطالبت بإحالة هؤلاء إلى القضاء لاسترجاع الأموال المنهوبة.

وأضافت أن الهيئة أعدّت تقريرًا خاصًا عن “الفساد البنكي” تضمّن تشخيصًا دقيقًا لكيفية تلاعب شبكات الفساد بالمؤسسات المالية، وتحميل البنك المركزي جزءًا من المسؤولية، مشيرة إلى أن الهيئة أحالت التقرير إلى القضاء المتخصص.

ونفت بن سدرين، اتهام الهيئة بأنها تواطأت ضد الدولة في هذا ملف البنك الفرنسي التونسي، قائلة: “الهيئة مؤسسة من مؤسسات الدولة ومهمتها هي إصلاحها لا تقويضها”. وأوضحت أن هيئة التحكيم الدولية هي من أدانت الدولة، وليس الهيئة، مشيرة إلى أن المنتمين لشبكات الفساد كانوا يسعون لتصفية البنك وهم أنفسهم من أرادوا طمس ديون رجال الأعمال المتورطين في نهب المال العام، وهو ما حصل فعلًا سنة 2022، حيث تمت تصفية البنك وتحولت ديونه إلى ديون عمومية تحملتها الدولة، وفقها.

 

كما شددت بن سدرين في حديثها على أن تونس تحتاج إلى مراجعة شاملة لمسارها الديمقراطي، معتبرة أن الانتخابات والمنافسة السياسية الشريفة لا يمكن أن تنجح دون احترام الحريات واستقلال القضاء، وفق ما ورد في حوارها.

جدير بالذكر أن دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف بتونس قررت في 19 فيفري/شباط 2025 الإفراج عن سهام بن سدرين، الرئيسة السابقة لهيئة الحقيقة والكرامة، مع تحجير السفر عليها، وذلك بعد أن فوضت النيابة العمومية النظر في قرار الإفراج. وكانت بن سدرين موقوفة على ذمة قضية تتعلق بشبهة “تزييف التقرير النهائي للهيئة”، التي استندت إلى شكوى موظفة بالهيئة وأدت إلى إصدار بطاقة إيداع بالسجن في 1 أوت/أغسطس 2024. وتجدر الإشارة إلى أن هذه القضية هي واحدة من ست قضايا تواجهها بن سدرين أمام القطب القضائي الاقتصادي والمالي، والتي ترتبط بمهامها أثناء رئاستها للهيئة.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى