داخل جلسة المحاكمة محامية احد المتهمين تطالب بإحالة قضية التآمر على أمن الدولة (2) إلى القضاء العسكري

في حلقة جديدة من برنامجه، استهل الإعلامي محمد البوزيدي النقاش قائلاً: “مرحباً بكم، حلقة جديدة ومثل العادة ملفات ثقيلة نستهلها بالحديث على موضوع التآمر. والناس الكل تعرف أن وسط الأسبوع كانت هنالك جلسة ثانية لقضية التآمر اثنين.”
قائمة المتهمين: أسماء من العيار الثقيل
القضية التي تهز أركان المشهد التونسي لا تضم أسماء عادية، بل شخصيات كانت في صلب صناعة القرار خلال العشرية الماضية. وأوضح البوزيدي أن “المتهمين الرئيسيين، بداية من راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة، يوسف الشاهد، الرئيس السابق للحكومة التونسية، وأسماء وقيادات بارزة في حركة النهضة، إضافة لمدير الديوان الرئاسي السابق نادية عكاشة، وبعض الإطارات الأمنية العليا.”
هذه التركيبة الغريبة من الخصوم السياسيين الذين وجدوا أنفسهم في قفص اتهام واحد، تثير تساؤلات حول طبيعة “الوفاق” الذي جمعهم، وهو ما لخصته الإعلامية حذامي بالقول: “كيف يمكن أن تجتمع أسماء متضادة في توجهاتها السياسية، لكنها ربما متضامنة في التآمر؟”
الفيديو:
بالتفاصيل.. هذا ماحدث في جلسة محاكمة الغنوشي والشاهد ونادية عكاشة وأخطر عناصر الجهاز السري للنهضة!
الجلسة الثانية: حضور وغياب ومفاجآت
كشفت الإعلامية حذامي عن كواليس الجلسة الثانية، التي شهدت حضور بعض المتهمين عن بعد من سجن المرناقية، وهم:
-
ريان الحمزاوي، رئيس المجلس البلدي المنحل بالزهراء.
-
الحبيب اللوز، القيادي بحركة النهضة، والذي حضر لأول مرة بعد مقاطعته للجلسات السابقة.
-
عبد الكريم العبيدي، رئيس فرقة حماية الطائرات سابقاً.
-
سمير الحناشي، إطار عسكري متقاعد.
-
محرز الزواري، المدير العام السابق للمصالح المختصة بوزارة الداخلية.
في المقابل، امتنع كل من راشد الغنوشي، فتحي البلدي، وكمال البدويعن الحضور. بينما يظل يوسف الشاهد، نادية عكاشة، معاذ الغنوشي، لطفي زيتون، مصطفى خذر، عادل الدعداع، ورفيق عبد السلام بوشلاكة في حالة فرار من العدالة.
منعرج القضاء العسكري: هل تتعقد الأمور؟
شهدت الجلسة تطوراً لافتاً، حيث طالب دفاع المتهم ريان الحمزاوي بإحالة الملف إلى القضاء العسكري. وفي تصريح خاص، قال المحامي معز الحاج منصور: “في اعتقادي، ليس منعرجاً جديداً، لأننا تمسكنا بهذا الطلب لدى قاضي التحقيق، باعتبار أن هناك أطراف أمنية وعسكرية بالملف، ومن الطبيعي أن يكون الاختصاص للمحكمة العسكرية.” وأضاف المحامي أن موكله الذي خدم البلاد “يتمس من كرامته عندما يُنعت بكونه متآمر على أمن الدولة، وقال: أنا مستعد إن كان هناك إثبات أو دليل، عدّيوني على المحكمة العسكرية وليكن مصيري الإعدام.”
هذا الطلب، الذي وصفته الإعلامية حذامي بـ”الفريد من نوعه”، يفتح الباب أمام تعقيدات أكبر، حيث أن تهمة التآمر على أمن الدولة تعد من “الخيانة العظمى” التي تصل عقوبتها في القضاء العسكري إلى الإعدام.
الجهاز السري.. التاريخ يعيد نفسه؟
القضية الحالية ليست بمعزل عن ملفات الماضي. فقد أشار الإعلامي محمد البوزيدي إلى أن نفس الأسماء المتورطة في قضية براكة الساحل، هي نفسها الموجودة اليوم في قضية التآمر، مذكّراً بالمرة التي عرض فيها الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي ملفاً ضخماً قال إنه “الجهاز السري لحركة النهضة”.
وهنا يبرز التناقض، حيث أن المحامية سعيدة قراش، التي كانت الذراع الأيمن للسبسي، تترافع اليوم في هذه القضية وتملك المعطيات الكاملة. وعلق المحلل بدر الدين القمودي قائلاً: “من كان له جهاز سري في السابق، هل ينجم يتخلى عليه توا؟”
الدولة العميقة والولاءات: تحليل الأزمة
في تحليله للمشهد، قال المحلل السياسي معز الحاج منصور إن ما يحدث هو “النظام القائم بأجهزته القضائية يحاكم النظام الذي انهار ليلتها”، مشيراً إلى أن كل الأحزاب التي حكمت بعد 2011، سواء النهضة أو نداء تونس، “اخترقت وزارة الداخلية بعناصر تابعة لها… كانت تتقاسم مراكز النفوذ والسلطة.”
من جهته، أضاف النائب بدر الدين القمودي أن الأزمة أعمق من مجرد أسماء، وتتعلق بـ”اختراق الإدارة وسياسة التمكين التي مورست منذ 2011″. وأوضح: “هل وضعنا حداً لسياسة التمكين؟ هل أزلنا آثارها داخل الإدارة التونسية؟ مازال إلى حد هذه اللحظة، فاعلين داخل الإدارة… اليوم، الإدارة معوق من معوقات التنمية عوض أن تكون رافعة للتنمية.”
قضايا متشابكة ومواطن تائه
بينما تنشغل الساحة السياسية بهذه القضايا الكبرى، يبقى المواطن التونسي يعاني من “خسائر بالمليارات، وتوريد عشوائي يضرب المؤسسات التونسية، وملف الشركات الأهلية الذي يعطله من يعطله”، حسب تعبير البوزيدي.
في خضم هذا المشهد المعقد، يظل السؤال الأبرز: متى سيتم الكشف عن الحقائق كاملة؟ ومتى سيُحاسب كل من أجرم في حق تونس وشعبها، بعيداً عن التجاذبات السياسية وتصفية الحسابات؟ يبقى الشارع التونسي في انتظار إجابات شافية، علّها تضع حداً لسنوات من الغموض والتآمر.