نقابية تكشف بالوثائق والملفات عن معلومات خطيرة داخل اتحاد الشغل

تونس – تحقيق خاص في شهادة جريئة وصادمة، وجهت قيادية نقابية أصابع الاتهام مباشرة إلى قيادة الاتحاد العام التونسي للشغل، متحدثة عن “مظلمة” تعرضت لها وعن “تزوير” ممنهج قالت إنه استهدف إقصاءها من موقعها النقابي، كاشفة عن خفايا ما يدور في كواليس المنظمة الشغيلة التي طالما دافعت عن حقوق العمال والشفافية.
في مقابلة حصرية لبرنامج “بلا قناع”، روت السيدة، وهي عضو منتخب بالجامعة العامة للفلاحة، تفاصيل ما وصفته بالمؤامرة التي حيكت ضدها، والتي بدأت، بحسب قولها، مباشرة بعد نجاحها في الانتخابات.
من النجاح الباهر إلى التجميد القسري
تبدأ القصة بنجاح المتحدثة في دورتين نقابيتين متتاليتين، حيث قالت: “أنا عملت الدورة الأولى نقابة أساسية، الدورة الثانية كيف كيف نجحت بامتياز، بأصوات عالية”. هذا النجاح خوّل لها الترشح لعضوية الجامعة العامة للفلاحة، وهو ما تم بالفعل. لكن هذا الترشح، الذي كان من المفترض أن يكون تتويجًا لمسيرتها، تحول إلى بداية معاناتها.
تؤكد النقابية أنها تعرضت لضغوط لعدم الترشح، وعندما أصرت وفازت، بدأت ردود الفعل الانتقامية. وتكشف عن الحادثة الأخطر: “صار تزوير مكتب نقابي كنت أنا أشرف عليه. وهذا ردة فعل علاش؟ ردة فعل خاطر رشحت روحي للجامعة العامة للفلاحة”.
وتشرح تفاصيل عملية التزوير المزعومة قائلة إن مؤتمرًا انتخابيًا “مزورًا” عُقد لتشكيل مكتب نقابي جديد في مكان عملها دون علمها، هي التي كانت من مؤسسي النقابة الأساسية فيه. وتضيف بمرارة: “إيش معنى مؤتمر بالمعهد الي أنا نشتغل فيه واللي أنا من الأوائل الي أسست المكتب النقابي، نكون أنا متغيبة وما نعلمش؟”.
ولم يقتصر الأمر على تغييبها، بل شمل القاعدة العمالية بأكملها. حيث تؤكد أن “76% من القواعد والمنخرطين ينفون أنهم كانوا على علم بالمؤتمر هذا. وين تعمل؟ ما نعرفش”.
الفيديو:
نقابية-تكشف-عن-أسرار-صاادمة-من-داخل-الآتحاد-العام-التونسي-للشغل
الأمين العام في عين العاصفة: اتهامات مباشرة بالوقوف خلف الإقصاء
لم تتردد القيادية النقابية في تحميل المسؤولية المباشرة لأعلى هرم في المنظمة الشغيلة. ففي شهادتها، وجهت أصابع الاتهام بشكل صريح إلى الأمين العام، السيد نور الدين الطبوبي، معتبرة أنه كان السبب الرئيسي وراء ما تعرضت له من إقصاء ممنهج.
“أنا نقول في شخصه الأمين العام… هو الي تسبب في إزاحتي”، هكذا قالت بوضوح قاطع، كاشفة عن تفاصيل لقاء وصفته بالصادم معه عقب فوزها المستحق في انتخابات الجامعة العامة للفلاحة. وأضافت: “أول ما طلعت كعضوة بالجامعة العامة للفلاحة… الأمين العام سي نور الدين الطبوبي يقول لي قولي لي كيفاش طلعتي وكيفاش نجحتي. ما كانش فرحان”.
وتشير شهادتها إلى أن رد فعل الأمين العام لم يكن مجرد استياء عابر، بل كان بمثابة طعن في شرعيتها الانتخابالية، ورسالة واضحة بأن فوزها لم يكن مرغوبًا فيه لأنه تجاوز “القوائم المتفق عليها”. كما انتقدت ما وصفته بـ”عرف” غير ديمقراطي داخل الاتحاد، حيث قالت: “وقت الي تجي باش ترشح روحك يلزمك تطلع للأمين العام… يلزمك تشاور”، في إشارة إلى أن الترشح الحر أصبح مرهونًا بمباركة القيادة، وأن من يخالف هذا “العرف” يُعاقب، حتى لو فاز ديمقراطيًا.
الاتحاد على المحك: تعيينات وقوائم مسبقة بدلاً من الانتخابات
تذهب السيدة أبعد من ذلك لتشير إلى وجود “قوائم جاهزة” يتم إعدادها مسبقًا، قائلة: “فما قائمة تتخدم مسبقة ومن بعد يصير مؤتمر وتطلع ناس. أنا ما حبيتش نقبل هذيك”. وتضيف أن الهدف من هذه التعيينات هو ضمان الولاء: “ياخي الي يعينوه، مش باش يكون مطيع؟… أنا لست المرأة المطيعة”.
كما ألقت باللوم على ثقافة الصمت والخوف داخل الاتحاد، مؤكدة أن الكثيرين على علم بهذه التجاوزات لكنهم يخشون الحديث: “النقابيين في الاتحاد راهو يعرفوا، ويعرفوا الي قاعد نقول فيه أنا صحيح، لكن ما يتجرأوش يقولوه. يزيحوهم ويسكتوا”.
أمام هذا الواقع، لم تجد السيدة سبيلًا سوى اللجوء إلى القضاء. “أنا رافعة قضية بالمنظمة… رفعت قضية ضد الاتحاد باش على الأقل ينصفوني”، مؤكدة أنها تمتلك كل الوثائق والملفات التي تثبت صحة ادعاءاتها، بما في ذلك نفي إدارة مكان عملها انعقاد أي مؤتمر في مقراتها.
وختمت شهادتها بالتأكيد على أنها، رغم كل شيء، ابنة الاتحاد التي تعلمت منه الإصرار والدفاع عن الحقوق، وأن ما تعرضت له جعلها “المرأة القوية” التي لن تتنازل عن حقها وعن مبادئها، مهما كلفها ذلك من ثمن. شهادتها تضع الاتحاد العام التونسي للشغل وقيادته أمام تساؤلات جدية حول الشفافية والديمقراطية الداخلية، وتفتح الباب على مصراعيه لكشف ما يدور “بلا قناع” خلف أسوار المنظمة الأعرق في تونس.