بالوثائق..ملفات فساد كبرى في المناظرات..اقصاء الناجحين وتغييرهم بأسماء أخرى تابعة لأحزاب ونقابات وأشخاص عادوا من الخليج محسوبين على نواب سابقين….

تونس – على مدارج المسرح البلدي العريق في قلب العاصمة، وبين زخات المطر وأشعة الشمس الحارقة، يفترش عشرات من الناجحين في مناظرة “المرشدين التطبيقيين التربويين” الأرض منذ أكثر من عشرة أيام، في اعتصام مفتوح تحول إلى صرخة مدوية ضد ما يصفونه بـ “فساد ممنهج ومحسوبية” حرمتهم من حقهم في التوظيف.
تحت شعار “مرابطون صامدون حتى تحقيق المطالب”، تحولت حقائب السفر والأغطية وقطع الكرتون إلى أثاث مؤقت لهؤلاء المعتصمين، الذين جاءوا من مختلف أنحاء الجمهورية، من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، حاملين معهم شهادات نجاحهم وآمالاً تبددت أمام قوائم أُسقطت منها أسماؤهم واستُبدلت بأسماء أخرى، حسب تأكيدهم.
قضية فساد موثقة
تعود جذور القضية إلى مناظرات أجرتها وزارة التربية في عامي 2017 و2021 لانتداب مرشدين تطبيقيين وأعوان تأطير. ورغم نجاحهم وتصدرهم قوائم الناجحين، فوجئ المعتصمون بإقصائهم لصالح آخرين لم يستوفوا شروط النجاح.
وفي شهادة لإحدى المعتصمات، وهي ممثلة عن “التنسيقية الوطنية للمرشدين التطبيقيين غير المتعاقدين”، أكدت أن الفساد في هذا الملف “مثبت وموثق”. وقالت: “لقد أثبتت لجان التدقيق المتعاقبة وجود تجاوزات فاضحة وتلاعب بالقوائم. تم حذف أسمائنا ووضع أسماء أخرى تابعة لأحزاب ونقابات وبعضها لأشخاص عادوا من الخليج أو محسوبين على نواب في البرلمان المنحل”.
الفيديو:
بالوثائق..ملفات فساد كبرى في المناظرات زمن العشرية السوداء..اقصاء الناجحين وتغييرهم بآخرين؟!
وأضافت أنهم طرقوا جميع الأبواب وتلقوا وعوداً متكررة من وزراء سابقين بتسوية وضعيتهم، لكنها بقيت مجرد حبر على ورق. “منذ سنوات ونحن ننتظر، واليوم لم يعد لدينا ما نخسره. لن نغادر هذا المكان إلا بحقنا.”
ظروف قاسية وعزيمة لا تلين
يعيش المعتصمون، وأغلبهم من النساء، في ظروف إنسانية صعبة للغاية. يبيتون في العراء، معرضين لتقلبات الطقس والمضايقات والسرقة، حيث تعرضت إحدى زميلاتهم مؤخراً لسرقة حقيبتها.
“تسع ليالي وعشرة أيام ونحن هنا، لا مجيب ولا مسؤول عبرنا”، هكذا عبرت إحدى المحتجات عن غضبها، مضيفة: “أين اتحاد المرأة؟ أين حقوق الإنسان؟ نحن نطالب بحقنا الذي كفله لنا الدستور وكرّسه نجاحنا في مناظرة وطنية شفافة، لكن الفساد سرق مستقبلنا.”
مناشدة عاجلة لرئيس الجمهورية
يوجه المعتصمون نداءً عاجلاً إلى رئيس الجمهورية قيس سعيد للتدخل الفوري وإنصافهم. ترى إحدى الناجحات في المناظرة أن قرار الرئيس بمحاربة الفساد وتدقيق الانتدابات أعاد إليهم الأمل، قائلة: “نحن نثق في مسار 25 جويلية وفي عزم الرئيس على تطهير الإدارة. مطلبنا اليوم هو تدخل عاجل منه لإصدار أمر رئاسي ينصفنا ويعيد لنا حقنا المسلوب. نحن أصحاب شهائد عليا وتعبنا من أجل نجاحنا، وليس من العدل أن نبقى بطالين بينما يتمتع آخرون بمناصبنا بالمحسوبية والولاءات”.