أخبار تونساخبار

المحكمة تفتح صفقات البترول وتراجع العقود مع شركات اجنبية

في خطوة تصعيدية لافتة، انتقل الجدل حول الثروات الباطنية في تونس من قبة البرلمان إلى أروقة المحاكم. حيث أقدم النائب بمجلس نواب الشعب، بدر الدين القمودي، صباح اليوم، على تقديم شكاية جزائية رسمية لدى وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بتونس، تتعلق بملفات فساد كبرى وسوء تصرف في قطاع المحروقات والطاقة.

وتأتي هذه الخطوة في وقت تعيش فيه تونس أزمة مالية خانقة، مما يطرح تساؤلات جدية حول حقيقة الموارد الذاتية للدولة وكيفية التصرف فيها.

من الرقابة البرلمانية إلى المسار القضائي

في تصريح إعلامي من أمام المحكمة، أوضح القمودي أن تواجده خارج قبة البرلمان – رغم تزامن ذلك مع مناقشات الميزانية – يندرج في صميم دوره الرقابي. وأكد النائب أن “النائب يتواجد حيث يجب أن يكون”، مشدداً على أن العمل الرقابي لا يقتصر على التشريع ومساءلة الحكومة داخل المجلس، بل يمتد لملاحقة التجاوزات في الإدارات والمرافق العمومية وعرضها على القضاء عند الضرورة.

وصرح القمودي قائلاً: “نحن مضطرون للتوجه للقضاء لمتابعة ملفات تهم الأمن القومي الاقتصادي، خاصة في ظل شعار ‘التعويل على الذات’ الذي ترفعه الدولة، بينما نلجأ للاقتراض والترفيع في الجباية نتيجة غياب رؤية لاستغلال مواردنا الذاتية المهدورة”.

الفيديو:

عاصفة تضرب الشركات البترولية ووزارة الصناعةالمحكمة تفتح صفقات البترول وتراجع العقود مع شركات اجنبية

اتهامات خطيرة: التلاعب بالنصوص والتفريط في السيادة الطاقية

تتمحور الشكاية المقدمة حول ما وصفه القمودي بـ “أزمة حوكمة” تنخر وزارة الصناعة والطاقة والمناجم، والمؤسسة التونسية للأنشطة البترولية (ETAP). وكشف النائب عن معطيات صادمة تتعلق بـ:

  1. تجديد العقود المنتهية: أشار القمودي إلى وجود ملابسات تحيط بعمليات تجديد عقود استغلال الحقول النفطية التي كان يفترض أن تعود ملكيتها للدولة التونسية بعد انقضاء آجالها.

  2. إسقاط حق الشفعة: اتهم النائب أطرافاً داخل المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية بالتلاعب بالنصوص القانونية لعدم تفعيل “حق الشفعة”، مما أدى للتفريط في منشآت وطنية لفائدة شركات أجنبية بأبخس الأثمان.

  3. عقود مجانية: تحدث القمودي عن تفريط ممنهج في بعض الآبار والحقول بصفة شبه مجانية، مما كبد الدولة خسائر بمئات المليارات.

مفارقة الأرقام: آبار بالجملة وعائدات شحيحة

أثار النائب نقاط استفهام حول التناقض الصارخ بين البنية التحتية لقطاع النفط وعائداته المالية. وتساءل القمودي: “كيف لقطاع يضم أكثر من 1250 بئر بترولي وأكثر من 50 رخصة استغلال أن تكون مؤسسته الوطنية (ETAP) مدينة بآلاف المليارات بدل أن تكون رابحة؟”.

كما طرح تساؤلاً جوهرياً حول جدوى تواجد الشركات الأجنبية في تونس إذا كانت الحقول غير منتجة كما يُشاع، مشككاً في صحة المعطيات الرسمية ومطالباً بكشف حقيقة الثروات المنهوبة.

القضاء أمام اختبار “الخيط الأبيض من الأسود”

أكد القمودي أن الشكاية لا تستهدف حقلاً بعينه، بل تشمل الملف برمته، بما في ذلك الحقول في جهة صفاقس، والبرمة، والجرف القاري، وكل العقود التي تحوم حولها شبهات فساد إداري ومالي.

واختتم النائب تصريحه بتحميل المسؤولية للقضاء التونسي، داعياً إياه للعب دوره التاريخي في:

  • القيام بالاختبارات الفنية والمالية اللازمة.

  • تحديد المسؤوليات ومحاسبة كل من تورط في التفريط في مقدرات الشعب.

  • استرجاع الأموال المنهوبة كحل جذري لمعالجة عجز الميزانية بدل إثقال كاهل المواطن بالضرائب.

ويبقى السؤال المطروح: هل ستنجح النيابة العمومية في فك طلاسم هذا الملف الشائك الذي ظل لسنوات “صندوقاً أسود” محرم الاقتراب منه؟



تنويه: يستند هذا المقال إلى تصريحات علنية وموثقة للنائب بدر الدين القمودي ولا يتبنى الموقع بالضرورة الاتهامات الواردة فيه، بل ينقلها في إطار التغطية الإخبارية الموضوعية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى