فرقة الأبحاث ومكافحة التهرب الجباني تكشف عن تهرّب ضريبي بالمليارات للأطباء و الى اكثر من 85 مصحة خاصة
علمت الشروق ان فرقة الأبحاث ومكافحة التهرب الجبائي التابعة للإدارة العامة للأداءات صلب وزارة المالية تحركت بقوة في الفترة الأخيرة من اجل اجراء عملية تدقيق ومراقبة جبائية تشمل المصحات الخاصة.
وقد جاءت هذه العملية في إطار تعهد تلقائي من الفرقة المذكورة للتأكد من سلامة الأرقام المالية والتصاريح الجبائية للأطباء العاملين بها والتي تستوجب دفع الضريبة على الدخل.
ويسمح قانون 2017 المُحدث لهذه الفرقة بالتعهد للنظر والبحث في الجرائم المالية المتشعبة وبكامل انحاء البلاد إما تلقائيا او بناء على إحالات من النيابة العمومية او انابات من حكام التحقيق.
وقد أدّت هذه العملية النوعية التي مازالت متواصلة في قادم الأيام إلى التوصل إلى تجاوزات عديدة في ما يتعلق بالتصريح بمداخيل عديد الأطباء العاملين بالمصحّات الخاصة.
ومن جملة ما تم الكشف عنه هو ان عددا كبيرا او الأغلبية الساحقة من الأطباء تتقاضى مستحقاتها من المرضى مباشرة دون المرور عبر المصحة (وهي الظاهرة التي ما انفكت تشهد تناميا في السنوات الأخيرة ولاحظها عديد المواطنين)
وبالتالي لا تظهر هذه الأجرة في الحسابات المالية للمصحات عند مراقبة حساباتها المالية ومقارنتها بحسابات الأطباء.. وهو ما يعني تهربا من دفع الضرائب بالنسبة للأطباء، علما ان عديد المصحات أصبحت مضطرة للتعامل بهذه الطريقة في ظل فرضها من عديد الأطباء حتى لا يقع إيقاف التعامل معها..
وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن القانون يفرض على المصحات الخاصة الخصم الضريبي على أجور مختلف المتعاملين معها بما في ذلك الاطباء (retenue à la source) وبالتالي فهي مجبرة بان تتقاضى هي كل المبلغ المطلوب من المريض ثم تسلم الطبيب أجرته وتقتطع منه الضريبة المستوجبة وتصرح بها. غير ان ذلك لا يحصل في اغلب الحالات ويحصل الطبيب على أجرته مباشرة من المريض او من المصحة ولا يقع التصريح بها وبالتالي لا يقع اخضاعها للضريبة.
تدقيق شامل
ووفق مصادر مطلعة فقد تم القيام بعملية التدقيق في اليومين الأخيرين على مرحلتين، المرحلة الأولى شملت عديد المصحات الخاصة بمنطقة تونس الكبرى للاطلاع على قواعد المعطيات حول تعامل الأطباء معها والمبالغ التي حصلوا عليها ومقارنتها بالتصاريح الجبائية التي أدلوا بها.
وفي مرحلة ثانية تم تنفيذ زيارة فجئية الى شركة خاصة مختصة في تطوير البرمجيات الإعلامية تتولى التصرف المعلوماتي في العمليات التجارية لعدد كبير من المصحات في كامل انحاء الجمهورية (حوالي 85 مصحة) وتواصلت عملية التدقيق فيها عدة ساعات.
وهو ما أدّى إلى الكشف عن كل أنشطة الأطباء مع تلك المصحات (التدخلات الطبية والعمليات الجراحية وغيرها) وتم بناء على ذلك تحديد الأجور التي حصل عليها كل طبيب وتحديد مبالغ الضريبة المطالبين بدفعها والتأكد من وجود شبهات تهرب ضريبي من الحجم الكبير.
ويبدو ان عديد الأطباء عبروا عن رغبتهم في تسوية الوضعية من خلال دفع المبالغ الجبائية المستوجبة دون الخضوع للتبعات الجزائية، ومن المنتظر ان توفر هذه العملية النوعية مبالغ مالية هامة لخزينة الدولة تُقدر بملايين الدينارات وفق مصادرنا.
ومن المنتظر ان تشمل عملية المراقبة والتدقيق خلال الفترة القادمة عديد المصحات الخاصة وكذلك الأطباء العاملين بها لمزيد التثبت حول وجود تجاوزات مماثلة، وياتي ذلك في إطار برنامج كامل لعمليات نوعية في كل القطاعات والمجالات تسعى وزارة المالية من خلالها الى القيام بدورها في تحقيق العدالة الجبائية وفي فرض احترام القانون الجبائي والتوزيع العادل للثروات..