ملف فساد ضخم يهز تونس: تورط موظفون في الدولة وأطباء ومحامون في تبييض ألأموال …و سرقة اكثر من ألف مليار و القضاء يتحرك

تونس – في حلقة استقصائية مثيرة من برنامج “بلا قناع”، الذي يقدمه الإعلامي محمد البوزيدي، تم الكشف عن تفاصيل صادمة حول قضية فساد مالي ضخمة. وخلال الحلقة، قدم الناشط السياسي معز بالحاج منصور معطيات خطيرة تشير إلى تورط شركات كبرى في نهب أموال مودعين ومستثمرين بما قد يتجاوز ألف مليار دينار تونسي. وأشار المتحدثون إلى أن هذه الأموال تم استخدامها للسيطرة على أسواق استراتيجية، وسط تساؤلات حول دور الأجهزة الرقابية ومصير المبلغين عن الفساد.
تفاصيل الصدمة: من أموال المودعين إلى احتكار الأسواق
استهل الناشط السياسي معز بالحاج منصور حديثه بالكشف عن حجم الكارثة، موضحًا أن الأمر لا يتعلق فقط بنهب أموال الدولة، بل أموال المودعين والمستثمرين الصغار الذين وضعوا ثقتهم في شركات مدرجة بالبورصة. وأكد منصور أن التقديرات الأولية التي تحدثت عن 400 مليار هي مجرد بداية، وأن المبلغ الحقيقي سيتجاوز الألف مليار.
الأخطر من ذلك، هو أن هذه الأموال المنهوبة استُخدمت، بحسب منصور، للسيطرة على سوق “العجلات المطاطية” في تونس، حيث تم إخضاع التجار الصغار والمتوسطين لسيطرة هذه الشركات عبر شيكات ورهون، مما أدى إلى احتكار كامل للسوق وتدمير المنافسة.
الفيديو :
لمشاهدة الفيديو كاملا اضغط هنا
وقال بالحاج منصور: “هذه المؤسسة… أخذت أموال المودعين وسيطرت على سوق العجلات المطاطية. كل التجار الصغار والمتوسطين في هذه التجارة أصبحوا مرهونين لدى هذه الشركة… لقد دمروا أرزاقهم”. كما أشار إلى أنه بعد تعيين مؤتمن عدلي على إحدى الشركات المتورطة، بدأت عملية سرقة وتحويل المخزون إلى شركة جديدة تم إنشاؤها خصيصًا لهذا الغرض، في محاولة لإفراغ الشركة من أصولها قبل بدء المحاسبة.
صوت الضحايا المكتوم: الخوف من سؤال “من أين لك هذا؟”
أحد أبرز الجوانب التي سلط عليها البرنامج الضوء هو صمت الضحايا. وفي هذا السياق، أوضح كل من معز بالحاج منصور والصحفية بالبرنامج حذامي أن جزءًا كبيرًا من المودعين يخشون التقدم بشكاوى، ليس فقط خوفًا من المتورطين، بل خوفًا من الدولة نفسها.
وروت حذامي، بصفتها صحفية متابعة للملف، قصة متضررة خسرت 100 مليون دينار، وبعد أن وافقت على الإدلاء بشهادتها، تراجعت في اللحظة الأخيرة خوفًا من أن تسألها السلطات عن مصدر أموالها. هذا الخوف من مبدأ “من أين لك هذا؟” جعل الكثيرين يفضلون خسارة أموالهم على الكشف عن هويتهم ومصادر دخلهم، مما يطرح إشكالية أعمق حول الاقتصاد الموازي وتبييض الأموال الذي يستغله الفاسدون.
وعلقت حذامي قائلة: “اليوم هم خائفون من سؤال ‘من أين لك هذا؟’، ولهذا السبب لا يتقدمون بشكاياتهم ولا يوصلون أصواتهم عبر الإعلام”.
معادلة غريبة: الدولة تحارب الفساد والفاسد يصبح جلادًا
من جهته، طرح مقدم البرنامج محمد البوزيدي تساؤلات حارقة حول مفارقة الوضع الحالي في تونس، حيث تبدو الدولة وكأنها تعاقب المبلغين عن الفساد وتترك الفاسدين أحرارًا.
وتساءل البوزيدي بحدة: “كيف لدولة تكافح الفساد وتطلق العنان للفاسدين؟ كيف لدولة تكافح الفساد وتعاقب المبلغين؟ كيف يتحول الفاسد إلى جلاد للمبلغين عن الفساد؟”. وأشار إلى أن المتورطين في مثل هذه القضايا يستغلون علاقاتهم بالسلطة والوزراء والمسؤولين للتحايل على المواطنين والدولة، ثم يفرون إلى الخارج قبل بدء المحاسبة، تاركين ورائهم دمارًا اقتصاديًا وضحايا لا يجرؤون على الكلام.
القضاء يتحرك وسط تساؤلات
في تطور لاحق، أكد معز بالحاج منصور أن القضاء بدأ يتحرك بجدية في هذا الملف، حيث تم اتخاذ إجراءات بتجميد أموال الشركات والأشخاص المرتبطين بالقضية. إلا أن النقاش كشف عن وجود أطراف متعددة متورطة، من بينهم موظفون في الدولة وأطباء ومحامون، استخدموا البورصة كواجهة لتبييض أموالهم غير المشروعة.
واختتم بالحاج منصور تصريحاته بتأكيد خطورة الوضع قائلاً: “أنا أعتبر أن الشيطان الأكبر في هذا البلد هي المافيا البنكية”.