إخفاء 300 ملف جبائي من الوزن الثقيل

في حوار عاصف ومشحون بالاتهامات خلال برنامج “بلا قناع”، فجّر النائب والسياسي بدر الدين القمودي قنبلة من العيار الثقيل، كاشفاً عن مراسلاته لوزارة المالية التونسية بشأن “إخفاء 300 ملف جبائي” وصفها بأنها “من الوزن الثقيل”، متهماً مؤسسات كبرى بالتهرب من دفع ضرائب تُقدّر بمئات المليارات، وذلك بتواطؤ من جهات إشرافية داخل الوزارة. النقاش الذي سرعان ما احتدم، شارك فيه كل من الإعلامي معز بن غربية والقيادي النقابي عبد الله العبيدي، ليسلط الضوء على أزمة ثقة عميقة وشروخ في منظومة العدالة الجبائية والمنح التحفيزية في ظل أزمة اقتصادية خانقة تعيشها البلاد.
“ملفات من الوزن الثقيل” في الظل
بدأ القمودي حديثه بحزم، كاشفاً عن قضية كان قد أثارها سابقاً دون أن يلقى إجابة شافية. حيث قال: “أذكر أني في سنة 2020، راسلت وزارة المالية حول إخفاء 300 ملف جبائي… ملفات من الوزن الثقيل”. وأوضح أن هذه الملفات تخص مؤسسات ضخمة كان من المفترض أن تسدد مبالغ طائلة لخزينة الدولة، مضيفاً: “راهي فما مؤسسات محمول عليها تدفع 150 و200 و300 مليار… تقع مساومات ويقع إخفاء هذه الملفات وما يدفعوا شيء”.
وأشار القمودي إلى أن هذه الممارسات لا تضر فقط بالاقتصاد الوطني، بل تضرب في الصميم مبدأ العدالة الجبائية، حيث يتم تحميل العبء على المواطن البسيط بينما تُستثنى فئات أخرى.
الفيديو :
المنح التحفيزية.. بين الحق المشروع وغياب العدالة
انتقل النقاش إلى المنح التحفيزية التي يتمتع بها أعوان وزارة المالية، وهو ما دافع عنه القيادي النقابي عبد الله العبيدي، مشيراً إلى أن أعوان المالية هم موظفون فنيون وتقنيون يطبقون التشريعات، وأن الإدارة تعاني من نقص حاد في الموظفين.
لكن القمودي ربط بين هذه المنح وغياب العدالة في تطبيق القانون على الجميع، معتبراً أن أداء أعوان المالية لا يختلف عن واجب رجال الأمن والجيش وكل القطاعات التي تخدم الوطن. وأكد قائلاً: “إذا كانت هذه الحوافز تم إسنادها على قاعدة المساواة والعدالة الجبائية، سنحيي هؤلاء… لكن المؤلم لما تكون الجباية توظّف على جزء من الشعب، وثمّة فئات يقع استثناؤها، تلك هي الطامة الكبرى”.
وأضاف القمودي أنه يؤكد وجود “تهرب جبائي كبير”، محمّلاً المسؤولية للإدارة ومن يشرف عليها، حيث قال: “جزء منه يتحملوه الإدارة… وجزء آخر الذين يشرفون على هذه الإدارة ينخرطون في عملية التهرب الجبائي”.
انتقادات لاذعة للسياسات الجبائية وغياب التوازن
من جهته، تدخل الإعلامي معز بن غربية ليهاجم ما اعتبره سياسة جبائية غير عادلة، وقال: “انتقدنا المنحة التحفيزية المنتفخة والكبيرة في بلد يعيش أزمة مالية ونبحث عن العدالة الاجتماعية… وكل واحد عنده نقابة قوية ولا من فكّ أقبل لازم يتمتع بكل شيء”.
كما أشار المحلل السياسي معاذ بن الحاج رحومة إلى أن المشكلة تكمن في سياسات الدولة ككل، قائلاً: “نحن الآن في تونس، سياسات قائمة على افتكاك أموال الناس وجيوب الناس”. وأضاف أن هذه السياسات تستهدف المواطنين في الداخل والخارج، بينما لا يتم تحقيق التوازن المطلوب لدعم القطاعات الحيوية كالصحة والتعليم.